إشعال الطائفية.. أخطر حروب الأرض

نبض البلد - دحام مثقال الفواز


ليست كل الحروب تبدأ برصاص، بعضها يبدأ بكلمة.

منشورٌ خبيث، إشاعة مدروسة، خطاب مسموم، تكفي لتمزيق مجتمع وإشعال بيت من الداخل.

سوريا، بعد الحرب، ليست كما قبلها. فحين ظن الناس أن الدماء توقفت، خرجت أياد خفية لتغذي حرباً جديدة:
الدروز ضد العشائر، والعشائر ضد الدروز.

فتنة لا تُبنى على المذهب، بل على الطمع والخوف والفرز الاجتماعي، تجربة قذرة يُراد تصديرها وكان الدور التالي هو الأردن.

في الأردن، الفتنة تُدار بصمت. تحت سؤال مسموم:
مين ابن البلد؟
مين الأصل؟
من اللقيط؟

وهكذا يبدأ التآكل من نسيجٍ واحد إلى نسيجين، ومن وطن موحّد إلى صراع منابت.

وما زاد خطورة المشروع، منصة عربية تُعلي صوت التفرقة وتُضعف صوت الحقيقة... الجزيرة.

فمنذ بداية العدوان على غزة، لم تكف عن لوم العرب، لكنها حين تصل للأردن، تختصر جهوده وتُشوه رسالته.

ورغم أن الأردن:

أول من أسّس مستشفى داخل غزة.

أول من أسقط مساعدات من الجو.

أول من استقبل الجرحى بصمت.

إلا أن الجزيرة:

تقلل من دور الاردن الخارجي.

وتغذي الشرخ الداخلي الاردني.

فمن يهاجم وحدة الأردن، لا يريد الخير لغزة.
ومن يُحرض بين الأردني والفلسطيني، يزرع بذرة الخراب للجميع.

الطائفية لا تُواجه بالمجاملة.
بل بالوضوح، بالمواجهة، بالتسمية المباشرة.

فكل من يُحرّض على الأصل والمنبت فهو خائن.
وكل من يصمت فهو شريك.
وكل من يُنكر تضحيات وطنك، لا مكان له في قلبك.

ما جرى في سوريا، ليس ببعيد.. وما يُطبخ للأردن، ليس وهماً.

فانتبهوا، قبل أن تصل النار إلى أبوابكم.
ولا تعطوا الميكروفون لمن يحفر الجدار من الداخل.