نبض البلد -
أحمد الضرابعة
تتفاعل المسألة الدرزية في جنوب سوريا على النحو الذي يخدم الأجندة الإسرائيلية، حيثُ شهدت مدينة السويداء قبل أيام مظاهرة حاشدة رفع المشاركون فيها أعلاماً زرقاء، في إشارة لطلب الحماية من إسرائيل التي تسعى لإضفاء الشرعية على تحركاتها السياسية والعسكرية في المنطقة. ما يحدث بين المكون الدرزي والسلطات الرسمية في دمشق هو شأن وطني سوري، لكنه آخذ بالتفاقم للحد الذي يؤثر على الأمن القومي للأردن الذي تلتف إسرائيل على حدوده الشمالية، لترسم بذلك هلالاً من النفوذ الذي يمتد من الضفة الغربية مروراً بمرتفعات الجولان وصولاً إلى مدينة السويداء التي بدأت تتحول إلى هاجس أمني بالنسبة للأردن، وهو ما يُفسّر انخراطه في الجهود الدبلوماسية الهادفة للتوصل لدعم سوريا واستقرارها، حيث عُقد في عمّان قبل أيام اجتماعاً أردنياً - سورياً - أميركياً لإيجاد حل شامل للأزمة في السويداء
يُسخّر الأردن جهوده السياسية لتمكين الدولة السورية من بسط سيادتها على ترابها الوطني، وهو هدف يتناقض مع السياسة الإسرائيلية تجاه سوريا بعد سقوط حكم الأسد، فهي تعمل على إدامة وضعها القائم الذي يتسم بالتوتر والانقسام بين المكونات الوطنية للشعب السوري، وما يؤدي إليه ذلك من رسوخ حالة اللا استقرار التي توفّر لها مدخلاً للعبث في النسيج الوطني السوري، وتحقيق أهداف استراتيجية على المستوى الإقليمي؛ فهي بذلك لا تؤثر على وحدة سوريا الوطنية واستقرارها فقط، بل تُربك علاقاتها مع الدول المجاورة مثل الأردن الذي يتطلع لتهدئة مناطق الجنوب السوري بما يُهيئ العودة الطوعية للاجئين السوريين، واستئناف النشاط الاقتصادي بين البلدين دون قيود أمنية، والاستفادة من برامج إعادة الإعمار في سوريا بما ينعكس على القطاعات الصناعية والتجارية المحلية
التطورات الجارية في مدينة السويداء ترفع مستويات القلق الوطني من النتائج التي قد تؤدي إليها، وهذا يتطلب الاستعداد للتحديات الأمنية التي سترافق ذلك، فإذا انفرد الدروز بدعم إسرائيلي بالسيادة على مناطقهم، فإن ذلك سيُحوّل الجنوب السوري إلى منطقة نفوذ إسرائيلية تنشط فيها الجماعات المسلحة، وتتحول إلى ساحة لتصفية الحسابات، وهو ما يكسر مركزية القرار الوطني السوري، ويعيد الأردن إلى عهد نظام الأسد من الناحية الأمنية، ولكن دون أن يكون هناك قوات روسية أو أممية تملأ الفراغ الأمني على الحدود الشمالية للأردن، وهو ما قد تستغل غيابه شبكات التهريب والجماعات المسلحة، لتضع الأمن الوطني الأردني في مواجهة مباشرة مع تداعيات الانفلات السوري