الاعترافات الدولية بفلسطين: بين الرمزية والتنفيذ

نبض البلد -

أحمد الضرابعة

اعترفت بريطانيا وأستراليا وكندا بالدولة الفلسطينية في بيانات رسمية صدرت عن رؤساء حكومات الدول الثلاث أمس ومن المقرر أن تتبعها في اليومين اللاحقين المزيد من الدول الأوروبية وغير الأوروبية خلال انعقاد الدورة الـ 80 للجمعية العامة للأمم المتحدة. هذا التوجه الأوروبي الذي بدأ يتبلور منذ شهور يُنعش حل الدولتين الذي تعمل إسرائيل على تقويضه بعدة وسائل، كالتوسع في بناء المستوطنات وإضعاف السلطة الوطنية الفلسطينية وفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية والتجهيز لفرض السيادة عليها وتهجير الفلسطينيين منها. رغم تضاؤل فرص تطبيق حل الدولتين بسبب السياسات المتطرفة التي انتهجتها إسرائيل في السنوات الأخيرة إلا أن التراجع عنه بالنسبة للدول العربية والدول الكبرى المؤيدة له ليس خياراً وارداً، فهو انبثق عن توافق دولي تاريخي تجسد في قراري مجلس الأمن (181) و (242) إلى جانب قرارات الأمم المتحدة المختلفة التي صبّت في السياق ذاته، وبالتالي فإن هذه المؤسسات الدولية وفرت إطاراً مرجعياً لا بديل عن التقيد بمضامينه لحل القضية الفلسطينية، ولذلك فإن الاعترافات الأوروبية بدولة فلسطين تجدد شرعية ما تم التوافق عليه دولياً في هذا الشأن في الوقت الذي تعمل فيه إسرائيل على نزع شرعية أي حلول مفيدة للشعب الفلسطيني، وهي تُشكّل ضربة موجعة للدبلوماسية الإسرائيلية التي نشطت بعد 7 أكتوبر 2023 لإقناع المجتمع الدولي بأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية في هذا التوقيت يعد "مكافأة للإرهاب". وفي المقابل فإن هذا التوجه الدولي يُشكّل استجابة للدبلوماسية السعودية والأردنية التي تبنت حل الدولتين ودافعت عنه في مختلف الظروف السياسية.

كتبت في هذا الزاوية قبل أسابيع أن هذا التوجه الجديد في السياسة الدولية تجاه القضية الفلسطينية، يجب أن تستغله الأردن والدول العربية لتعميق أزمة إسرائيل السياسية على الصعيدين، الداخلي والخارجي، وهو ما يمكن أن يتحقق ببذل المزيد من الجهود الدبلوماسية التي تستهدف توسيع دائرة الاعتراف الدولي بفلسطين، والانتقال إلى الجانب التطبيقي لذلك بعد وضع حد للتطرف الإسرائيلي الذي بدأ يهدد الدول الغربية نفسها، فلا يمكن الاكتفاء بهذه الاعترافات الرمزية رغم التي حصلت عليها فلسطين رغم أهميتها، وعلى الدول العربية أن تعمل على توليد مسار تنفيذي واضح يجعل إقامة الدولة الفلسطينية مشروع دولي عن طريق بناء آليات إلزامية تحول الاعتراف إلى إجراءات واقعية على الأرض، وهو ما يتطلب حشد الدعم الدولي والضغط على إسرائيل لإيقاف حربها المستمرة تمهيداً كمقدمة لأي خطة لتطبيق حل الدولتين