تناقضات أيديولوجية..

نبض البلد -

أحمد الضرابعة

التحيزات الأيديولوجية لدى الكثيرين أصبحت مجرد "إكسسوارات" تزيّن المواقف ولا تصنعها. من التناقضات الصارخة لدى هؤلاء، أن تجد بعض "القوميين" منهم يُنظّرون في مسائل السيادة والكرامة الوطنية لكنهم يطالبون الأردن بالتنازل عن سيادته على أجواءه خدمةً للمصالح الإيرانية. وأن تجد جزء من اليساريين يستغلّون "المقاومة" لتبرير القمع والتسلط الذي تمارسه الأنظمة التي يناصرونها. وأن تجد غالبية العلمانيين يرفضون الحكم الديني، لكنهم لا يترددون في الدفاع عن نظام يهيمن عليه رجال الدين. كذلك تراهم يحذّرون من الحركات الدينية المتطرفة، ويتجاهلون في الوقت نفسه العنف الدموي الممنهج الذي تمارسه بعض الأنظمة والميليشيات الحليفة لهم.

يبدو أننا نعيش في زمن تختلط أو تتجانس فيه القيم والأفكار التي يفترض أن تكون متضادة، وينصهر فيه الإنسان ضمن جماعة تائهة تتبنى المبدأ وتدافع عن نقيضه، والأمثلة على ذلك أصبحت كثيرة، فمن يزعم الثورية يتحالف مع الاستبداد، ومن ينادي بالتحرر صار يبرر الهيمنة والتبعية، ومن يكفر باللاهوت السياسي يمنح رخص الإيمان به، وكأنه لم يعد مهماً اتساق الأفكار المنطقي، بل المهم أن تكون قابلة للتدوير حسب المزاج العام الذي يتقلّب مع كل حدث سياسي

من الضروري في هذا الزمن أن يحافظ الإنسان على الحد الأدنى من القيم والمبادئ والأفكار المتجانسة ليكون قادراً على الصمود أمام فيضان التناقضات والانتهازية الذي تتحكم به أجهزة إعلام وجماعات سياسية في مرحلة الفوضى الإقليمية