نبض البلد - نحو تحول رقمي واقعي في الزراعة لخدمة الامن الغذائي والتنمية المستدامة
المهندسة الزراعية فداء الروابدة
مع دخول التكنولوجيا الرقمية في جميع مجالات الحياة ،يشهد القطاع الزراعي تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، ومن أبرز هذه التطورات تزايد الإعتماد على التجارة الإلكترونية كوسيلة حديثة لتسويق وبيع المنتجات الزراعية الطازجة والمصنعة مما يتيح فرصاً جديدة للمزارعين.
ويلعب القطاع الزراعي دوراً محورياً في دعم الإقتصاد الوطني وتحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة، خاصة في الدول النامية. ومع التقدم التكنولوجي السريع بدأت التجارة الإلكترونية تفرض نفسها كوسيلة فاعلة لربط المنتجين بالمستهلكين وتخطي القيود الجغرافية والتقليدية في التسويق والتوزيع والإستغلال الأمثل للموازنات المختلفة والتكاليف المالية الكبيرة في انشاء مواقع جغرافية أو دعم أنشطة وفعاليات مؤقتة مثل البازارات والمهرجانات وغيرها . في المجمل يُعد دمج التجارة الإلكترونية بالزراعة نقلة نوعية نحو اقتصاد أكثر شمولاً واستدامة، مما يسهم في تحسين دخل المزارعين، تقليل الفاقد من المنتجات، وتحسين جودة سلسلة الإمداد الزراعي.
فالتجارة الإلكترونية عملية بيع وشراء البضائع والخدمات عبر الشبكة العنكبوتية ( الإنترنت) والتي يمكن لعملاء التجارة الإلكترونية من خلالها إجراء هذة العمليات بواسطة أجهزة الحاسوب الخاصة بهم بالإضافة إلى نقاط الاتصال الأخرى، بما في ذلك الهواتف الذكية والساعات الذكية والمساعدات الرقمية وأي أجهزة رقمية متاحة.ومن أشهر الخدمات الإلكترونية المتاحة حالياً خدمة المستهلك لمستهلك آخر،خدمة التاجر للمستهلك ،خدمة التاجر للتاجر،خدمة الحكومة الإلكترونية.
ولأهمية التجارة الإلكترونية في القطاع الزراعي والتكامل بينهما يمكن تسليط الضوء على أهمية التجارة الإلكترونية في دعم القطاع الزراعي وضرورة التكامل بينهما حال التفعيل الحقيقي والذي يلمسه المزارع مباشرة من خلال ما يلي :-
1. فتح الأسواق وزيادة العوائد: فالتجارة الإلكترونية تتيح للمزارعين الوصول إلى الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية دون الحاجة إلى وسطاء،وبدلاً من الاكتفاء بالبيع في الأسواق التقليدية يمكنه تسويق منتجه مباشرة إلى المستهلك النهائي من خلال المنصات الإلكترونية، مما يعزز الربح ويرفع من القيمة السوقية للمنتجات الزراعية الطازجة والمصنعة لتصل الى المناطق المختلفة داخل وخارج البلاد.
2. تقليل دور الوسطاء: لقد ساعدت التجارة الإلكترونية بكثير من الدول في تمكين المزارعين من بيع منتجاتهم مباشرة إلى المستهلكين أو التجار، مما رفع من أرباحهم وقلل من استغلال الوسطاء بالاضافة الى شراء مستلزمات الإنتاج مباشرة من المصدر وبأسعار مناسبة.
3. زيادة الكفاءة: يمكن تحسين العمليات المختلفة وتقليل الهدر والفاقد من خلال إدارة المخزون، إدارة الطلبات، والتسليم إلكترونياً.
4. الوصول إلى معلومات السوق: إن اتاحة المنصات الإلكترونية للمزارعين تساعدهم في معرفة الأسعار، إدارة الطلبات، واتجاهات السوق، مما يساعدهم في اتخاذ قرارات أفضل.
5. تعزيز الشفافية في التسعيرعبر المنصات الإلكترونية :يمكن للمزارعين مقارنة الأسعار وتحديد أفضل الأوقات والأسواق لبيع منتجاتهم، مما يقلل من التلاعب في الأسعار، ويمنحهم قوة تفاوضية أفضل.
6. تحسين كفاءة سلسلة التوريد: حيث توفر التجارة الإلكترونية نظاماً رقمياً لتتبع المنتج من المزرعة إلى المستهلك، مما يضمن جودة المنتج ويقلل من الفاقد الناتج عن التخزين أو النقل غير المناسب
7. تشجيع الابتكار الزراعي وريادة الاعمال الزراعية :من خلال الطلب على منتجات معينة عبر المنصات الإلكترونية يشجع المزارعين على تحسين الإنتاج وتبني تقنيات الزراعة الذكية لتلبية احتياجات السوق.
أما التحديات التي تواجه التجارة الإلكترونية في الزراعة يمكن إجمالها بما يلي:-
1. ضعف البنية التحتية الرقمية في المناطق الريفية حيث تعاني هذة المناطق من ضعف خدمات الإنترنت أو انعدامها، مما يصعّب على المزارعين استخدام المنصات الإلكترونية أو حتى تلقي التدريب الرقمي.
2. محدودية الثقافة الرقمية والوعي لدى المزارعين بكيفية استخدام المنصات الالكترونية خاصة كبار السن أو ذوي التعليم المحدود، حيث يفتقرون إلى المهارات الرقمية الأساسية التي تتيح لهم استخدام الهواتف الذكية، إدارة التطبيقات، أو التعامل مع نظم الدفع الإلكتروني.
3. تحديات في النقل والخدمات اللوجستية كون نقل المنتجات الزراعية الطازجة يحتاج إلى خدمات تبريد وتخزين وشحن سريعة وآمنة وكثير من منصات التجارة الإلكترونية لا تزال غير مجهّزة للتعامل مع هذه التحديات.
4. مخاوف تتعلق بجودة المنتج وثقة المستهلكين فما زالت الثقة محدودة او دون الطلب في المنتجات التي تباع الكترونياً وتحتاج الى تدريب وبناء جسور الثقة والعمل بجدية وأمانة لتوصيل المنتج حسب الطلب
5. تحديث أطر قانونية وتنظيمية واضحة البيع الإلكتروني للمنتجات الزراعية لا يزال بحاجة إلى تطوير أطر تشريعية تحمي حقوق المزارعين والمستهلكين، خاصة في ما يتعلق بالتسعير، الجودة، وسياسات الإرجاع.
فرص مستقبلية للتجارة الالكترونية واعدة من المتوقع أن يشهد هذا المجال نمواً كبيراً مع ازدياد الاعتماد على التكنولوجيا الذكية حال تطبيقها فعلياً مثل استخدام الذكاء الاصطناعي في توقع المحاصيل والأسعار، وتحليل سلوك المستهلك،إدخال تقنية البلوك تشين(تقنية السجل الرقمي لامركزي) لتوثيق سلسلة الإمداد وضمان الشفافية والموثوقية، وتطوير تطبيقات مخصصة للمزارعين بلغات محلية وبواجهات سهلة الاستخدام بالاضافة الى الاعتماد على الطائرات المسيّرة (الدرونز) لمراقبة المحاصيل وتقدير الكميات المطلوبة للبيع عبر الإنترنت.
أهم التوصيات لتعزيز التجارة الإلكترونية في الزراعة
1. توفير التدريب والتوعية الرقمية للمزارعين لبناء القدرات المتخصصة واللازمة
2. دعم الحكومة للبنية التحتية الرقمية في المناطق الزراعية.
3. تقديم حوافز ضريبية وتشجيع الابتكار الزراعي الإلكتروني.
4. تطوير نظام لوجستي متكامل خاص بنقل المنتجات الزراعية الطازجة.
5. سن قوانين تنظم التجارة الزراعية الرقمية وتضمن حقوق جميع الأطراف.
ختاماً يمثل دمج التجارة الإلكترونية في القطاع الزراعي عملياً فرصة ذهبية لتحديث هذا القطاع الحيوي. لكنه يتطلب تعاوناً من الحكومة، القطاع الخاص، والمؤسسات التعليمية لتوفير التدريب، البنية التحتية، والدعم المالي اللازم. فمستقبل الزراعة سيكون رقمياًُ بإمتياز.فقد أصبح من الواضح أن التجارة الإلكترونية لم تعد حكراً على المنتجات الصناعية أو الخدمات، بل أصبحت أداة فاعلة في دعم الزراعة وتحسين حياة المزارعين. إن التحول الرقمي في هذا القطاع ليس رفاهية، بل ضرورة لتعزيز الأمن الغذائي، والحد من الفقر، وتحقيق التنمية المستدامة. وبتكامل الجهود بين كافة الاطراف يمكن تحقيق ثورة رقمية زراعية تفتح آفاقًا جديدة للمجتمعات الريفية والاقتصادات الوطنية
دعم المزارع الاردني واجب وطني يفوق كل الواجبات لانه الذراع الرئيسي لتحقيق الامن الغذائي