د. شنكول تكتب: الوعي هو البداية، والاستعداد هو الخيار الوحيد

نبض البلد -
الأمن السيبراني… المعركة التي لا نراها

في زمن تتسارع فيه التحولات التقنية وتتداخل فيه السياسة مع التكنولوجيا، لم تعد الحروب تُخاض فقط بالأسلحة التقليدية. اليوم، هناك ساحة صراع جديدة وأكثر خطورة… ساحة لا تُرى بالعين، لكنها قادرة على شلّ دول بأكملها. إنها حرب السيادة الرقمية، أو ما يُعرف بالأمن السيبراني.

أصبح الأمن السيبراني اليوم أحد أهم أركان الأمن الوطني، بل هو خط الدفاع الأول في مواجهة التهديدات الحديثة التي تستهدف الدول، ليس عبر الحدود، بل عبر الشبكات. في ظل التطورات الإقليمية والاضطرابات الأمنية في أكثر من مكان، تزايدت محاولات الاختراق الإلكتروني، سواء لأهداف سياسية أو اقتصادية أو حتى استخباراتية. لم تعد هذه المحاولات تستهدف فقط مؤسسات كبرى، بل أصبحت تشمل أفرادًا عاديين، وبنوكًا، ومطارات، ومحطات كهرباء، ووسائل إعلام.

وفي هذا السياق، تبرز أهمية أن يكون هناك وعي وطني وإقليمي شامل بخطورة هذه التهديدات. الأردن والعراق، كدولتين جارتين تربطهما علاقات تاريخية وسياسية واقتصادية قوية، تواجهان اليوم تحديات متشابهة على مستوى الأمن الرقمي. كلا البلدين شهدا في السنوات الأخيرة محاولات لاختراق البنى التحتية، وسرقة بيانات حساسة، ونشر معلومات مضللة تهدف لزعزعة ثقة المواطن بمؤسساته.

إن تعزيز التعاون السيبراني بين الأردن والعراق لم يعد خيارًا، بل ضرورة. فكما تواجه الدول تحديات مشتركة على الحدود وعلى الأرض، فإن الفضاء الرقمي لا يعترف بحدود جغرافية، والخطر فيه أسرع من أن يُرصد بسهولة. ومن هنا تأتي الحاجة إلى بناء شراكات فاعلة في مجال الأمن السيبراني، وتبادل الخبرات والمعلومات، وتدريب الكوادر القادرة على رصد الهجمات قبل وقوعها، والتعامل معها بكفاءة عالية.

المعركة القادمة قد لا تُسمع فيها أصوات انفجارات، لكن نتائجها قد تكون أكثر تدميرًا من أي حرب تقليدية. ومن لا يملك أدوات الحماية الرقمية، سيبقى عرضة للاستهداف، مهما كانت قوته العسكرية أو الاقتصادية.

نحن بحاجة إلى تغيير في التفكير، وفي السياسات، وفي الأولويات. فالأمن لم يعد محصورًا في حماية الحدود… بل يشمل اليوم حماية البيانات، والمعلومات، وخصوصية المواطن، وهيبة الدولة.
بقلم د. شنكول قادر 
رئيسة جمعية الاخاء الاردنية العراقية