الحراسيس: رصد الفتاوى السلبية لجماعات نشأت على العنف
زيتون: بعض زعماء العالم لايخفون عداءهم للإسلام
الاف تيسير
يحتضن الأردن تعددية دينية تعيش في إطار من الاحترام والتآخي، مايجعله أنموذجًا للوئام بين الأديان مايعكس جوهر التعاليم الإسلامية في التعامل مع الآخر بالرحمة والود ، وليس بالإكراه أو العداء .
وفي اليوم اليوم العالمي لمكافحة كراهية الإسلام التي أقرته الأمم المتحدة في 15 آذار 2022، في ظل موجة في عدد دول من العالم غذتها الكراهية للإسلام والمسلمين، حيث لم يعد بعض زعماء العالم يخفون عداءهم بل أصبحت كراهيتهم واضحة أمام الجميع ، في حين أن غالبية الإعلام الغربي يواصل إلصاق الاتهامات بالإسلام رغم أن الواقع يثبت عكس ذلك .
وقد جاء هذا القرار بدعم من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي ليؤكد على أهمية تعزيز التسامح ، واحترام الأديان والمعتقدات .
ويدعو القرار المجتمع الدولي إلى اتخاذ تدابير لمكافحة التمييز والعنف القائميين على أساس الدين، كما يشدد على تعزيز أهمية الحوار بين الأديان والثقافات وإستمراية السلام والتفاهم المتبادل، مع التأكيد على دور الحكومات ووسائل الإعلام في التصدي لخطاب الكراهية والتحريض ضد المسلمين .
عُرف الدين الإسلامي في التسامح واليسر والسهولة كما رسخ مفهوم الأمن والاعتدال والوسطية قال الله تعالى" يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ". ؛ قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم "رحم الله رجلاً سمحـًا إذا باع ، وإذا اشترى ، وإذا اقتضى".
دور دائرة الإفتاء العام في تعزيز تقافة السلم المجتمعي
قال الناطق الإعلامي باسم دائرة الإفتاء الدكتور أحمد الحراسيس يعرف التعصب أن هو الحكم السلبي المسبق تجاه أفراد ينتمون إلى مجموعة اجتماعية معينة؛ حيث يتعمد الأفراد المتعصبون إلى تحريف، وتشويه وإساءة تفسير الوقائع التي تتعارض مع آرائهم المحددة سلفًا بالمقابل أن التسامح ينبذ المشاعر والأفكار، والسلوكيات السلبية تجاه من أساءوا إلينا، واستبدالها بـ مشاعر، وأفكار، وسلوكيات إيجابية بها، موضحًا أن التسامح هو طريق الشعور بالسلام الداخلي، والسعادة وهو أيضًا السبيل إلى الطمأنينة رغـم الشعور بالألم، والاستمرار في الحياة بعد تعرضنا للإيذاء من الآخرين.
مبادرات وطنية ودولية
أوضح الحراسيس أن دائرة الإفتاء العام ومنذ تأسيسها حرصت على نبذ التعصب ونشر ثقافة التسامح في المجتمع ، مستندًا إلى قول الله تعالى " وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا".مستعنيًا بـ منهج وقول النبي صلى الله عليه وسلم القائم على العدل والوسطية والتسامح " اذهبوا فأنتم الطلقاء " .
بيّن الحراسيس أن التسامح والوسطية من أساسيات كل مجتمع، وعقدت الدائرة مؤتمرا دوليًا لمكافحة الإرهاب ونبذ التطرف ونشر ثقافة التسامح ومحاربة خطاب الكراهية، مضيفًا إلى أن العديد من الندوات والمحاضرات التي عقدتها الدائرة بشكل فردي أو من خلال المشاركة مع مؤسسات المجتمع المدني والجامعات لنشر الوعي حول نبذ هذه الظواهر السلبية في المجتمعات وأثرها الخطير عليها وعلى الأفراد، مثمنًا أن هذه الجهود كانت تتمثل بالإستسقاء من "رسالة عمان 2004" ومبادرة " كلمةٍ سواء " التي أطلقها جلالة الملك عبد الثاني المعظم لتكون نبراساً لتحقيق السلم المجتمعي على مستوى الوطن وعلى مستوى العالم لتحقيق السلام والؤام العالميين .
مبادرات وطنية ودولية لمكافحة التعصب وتعزيز التعايش
كشف الحراسيس أن من خلال الدائرة أُنشأ مرصدًا خاصًا لرصد كافة الفتاوى السلبية التي تطلقها بين الحين والآخر بعض الجماعات التي نشأت على العنف ونبذ الآخر ، والرد على تلك الفتاوى من خلال الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية وأقوال العلماء في نشر التسامح ونبذ العنف ومحاربة خطاب الكراهية .
ود مصطنع
من جانبها، أفصحت الداعية عبير أبو غزالة عن هذا اليوم بقولها" أنه ود مصطنع للإسلام" بالمقابل أن من أطلق مصطلح "الإرهاب الإسلامي "هم الغرب، مشيرة إلى أن الأعداد الداخلين في الاسلام تزداد ، وينتشر بشكل ملحوظ في الغرب ماقد يثير قلق بعض الجهات .
بيّنت أبو غزالة أن ما يقدمه الأردن من نموذج للتعايش يعكس القيم الإسلامية الحقيقية التي تدعو إلى التسامح والرحمة واحترام حرية الاعتقاد فالإسلام يؤكد على مبدأ قال تعالى "لا إكراه في الدين"، وذلك مايعزز فكرة أن الإيمان يجب أن يكون نابعًا من قناعة داخلية وليس بالإجبار.
تابعت أبو غزالة الأردن مثال واضح على هذا النهج، حيث يحتضن تعددية دينية تعيش في إطار من الاحترام والتآخي، وهذا يعكس جوهر التعاليم الإسلامية في التعامل مع الآخر بالرحمة والود، وليس بالإكراه أو العداء.
رسالة عمان 2004، التي أطلقها جلالة الملك عبد الله الثاني، أكدت على حقيقة الإسلام كـ دين رحمة وعدل وتسامح ورفضت التطرف والتكفير، وشددت على إحترام التعددية الفقهية، ومنع إصدار الفتاوى من غير العلماء المؤهلين كما دعت إلى الوحدة بين المسلميين والتعايش السلمي من غيرهم، وبالإضافة أنها واجهت الفهم الخاطىء للإسلام وعززت الحوار بين الأديان ، حيث أصبحت الرسالة مرجعًا عالميًا في محاربة التطرف وتعزيز الاعتدال .
احصائيات حول معدلات كراهية الإسلام عالميًا
كشف تقرير مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية "كير" عن تصاعد حاد في حوادث العداء ضد المسلمين في الولايات المتحدة خلال عام 2023، حيث سجلت 8061 شكوى، بزيادة 56% عن العام السابق، وهو الرقم الأعلى منذ بدء رصد هذه الحوادث قبل نحو 30 عامًا.
ووفقًا للتقرير، أوضح أن حوادث التمييز ضد المسلمين ارتفعت في أماكن العمل والتعليم، بالإضافة ال حالات التضييق عل المجوعات الطلابية المؤيدة لفسلطين في الجامعات الأمريكية حيث بلغ متوسط الحوادث من 500 شهريًا في الأشهر التسعة الأولى من العام إلى نحو 1200 شهريًا في الربع الأخير، متأثرًا بشكل أساسي بتصاعد العنف ضد الشعب الفلسطيني في أكتوبر 2023، كما أشار التقرير إلى أن أكثر من 3600 حادثة وقعت بين أكتوبر وديسمبر.
لابد الإشارة إلى أن هذه التناقضات مازالت بين الخطابات االرسمية والممارسات الفعلية لـمكافحة كراهية الإسلام كما لابد أن تتجاوز الشعارات الى سياسات حقيقة تحمي المسلمين من التميز والعنف .
وفي هذا السياق، قال أستاذ الشريعة والدراسات الإسلامية الدكتور منذر زيتون أن الهدف من تخصيص هذا اليوم ، بأن ماتراه الأمم المتحدة ويراه العالم أجمع من هجوم صارخ على الإسلام ظلمًا، في المقابل بدلاً من إنصافه يتم محاربته ومهاجمته، متابعًا أن دول كبرى اجتمعت على ذلك والكثير من الأفراد يقومون بمحاربته ونشر الكراهية له.
وأضاف زيتون أن بعض زعماء العالم لم يعودوا يخفون عدائهم للإسلام بل أصبحت كراهيتهم واضحة أمام الجميع، في حين أن الإعلام الغربي يواصل إلصاق الإتهامات بالإسلام، متهمين الإسلام بالعدائية، رغم أن الواقع يثبت عكس ذلك .
تطرق زيتون إلى أن العدوان غزة، وأن غزة قدمت دروسًا مهمة في الصبر والعزة والشرف والتسامح، حيث تم التعامل مع من يعملون في الوكالات والمنظمات الدولية بإنسانية تعكس قيم الإسلام الحقيقية .
ولفت إلى أن هذه الصورة لم يعتد الغرب على رؤيتها ظل أسيراً للدعاية "الصهيونية" إلا أن مايحدث في غزة أظهر أنموذجاً مغايرًا لما تم ترويجه عبر الإعلام الغربي .
الإسلام دين العدل والإنصاف
وحول كيفية رد الإسلام على هذه الحملات شدد زيتون على أن الدين الإسلامي قائم على مبادىء العدل والكرامة ولايسمح بالظلم ويعطي الحقوق أصحابها
موضحًا عن التعامل مع غير المسلمين ، مستشهدًا بالآية الكريمة " لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ". إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" .
أوضح أن الإسلام يفرق بين المعتدي وغيره بصرف النظر عن الدين أو المعتقد أو الأفكار مبينًا أن لايتم الحكم وتحديد المواقف على الناس من مجرد الحكم على أفكارهم، ولايدعو إلى كراهية الناس من أجل دينهم، مرجحًا إلى المرجعية التي تحدد ذلك بأن نعرف هل هم أعداء أم مسالمين معتمدين على مبدأ "البر والإقساط" في التعامل مع المسلمين وغيرهم، فهما جامعتان وتندرجان تحت العديد من المعاني في التعامل مثل الإحترام والضيافة من إعطاء الحقوق والنصرة، والإنصاف والدعم والمساندة والمعالجة إن إحتاج ذلك .
وفي ختام حديثه، أكد زيتون أن الأردن يعد نموذجًا حقيقًا لتعايش وهي من الدول التي يتجسد فيها الإنصاف نظرًا لتجانس مع الطوائف الأخرى سواء أكانت طوائف دينية أو عرقية أو جغرافية، حيث يوجد في الأردن تعاون وألفة مابين جميع السكان سواء كان مسيحيين أو بهائيين أو دروز وغيرها من الطوائف ما يعكس القيم الحقيقة في التعامل الإسلامية الحقيقية في التعامشل مع الآخر