مؤتمر اسطنبول .. مزاحمة للسلطة ام عليها

نبض البلد -

 

عمر كلاب

 

في منتصف هذا الشهر انطلقت في اسطنبول اعمال مؤتمر الحوار الوطني الفلسطيني, بمشاركة 170 شخصية, يمثلون الوانا من الطيف الفلسطيني, من داخل فلسطين وخارجها، من بينهم, ممثلون عن هيئات ومبادرات ومؤتمرات وقوى وطنية من 28 دولة حول العالم، إلى جانب نخبة من الأكاديميين والإعلاميين، تحت شعار "وحدة الموقف الفلسطيني في مواجهة الإبادة والتهجير والضم", وخلصت الاجتماع الى اطلاق الهيئة الوطنية للعمل الشعبي, التي من ضمن مهامها الكثيرة, التقدّم بمشروع تمثيل الفلسطينيين وانتخاب ممثلين عنهم في الساحات الممكنة، إضافة إلى بناء التحالفات العربية والإسلامية وبلورة رؤية وطنية لإدارة المرحلة المقبلة.

 

بإستثناء هذه الفقرة السابقة التي اشرت اليها عن "تمثيل الفلسطينيين...", فإن البيان مألوف ومنطوق به, في اكثر من مؤتمر ولقاء, جمع المناوئين للسلطة البائسة, ومنظمة التحرير الفلسطينية المسجونة, في ادراج تلك السلطة, وما يستوجب النقاش, او الاشتباك, ما تفضل به الاستاذ عريب الرنتاوي في ذلك المؤتمر, وثالوث لاءاته, لا مسار تفاوضي يفضي الى دولة, ولا حوار ولا مصالحة ولا وحدة مع وجود محمود عباس ونائبه, ولا ثورة موحدة حتى من الثورات الملهمة للثورة الفلسطينية, وهي قضايا بحاجة الى مناقشة واشتباك, على قاعدة الوحدة والصراع, مع الفكرة وصاحبها.

 

اشتباك ومناقشة, عبر قراءة نقدية, تستخرج من الفكرة ما هو فيها اصلا, من اساس تحمله, والاساس ليس مرئيا في مباشرته, التي اطلقها الرنتاوي ببلاغة لا تعوزه وبصلابة لغوية يمتلكها, فالاساس الذي انطلق منه او التربة الفكرية التي صاغت مثلث اللاءات, هي نفس تربة محمود عباس, اي منازعة السلطة على الشرعية, كما في اللاء الثانية التي حظيت بتصفيق الحضور, والتي تتناقض مع اللاء الاولى, التي تقول لا مسار تفاوضي يفضي الى دولة, والدولة المقصودة, حدود الرابع من حزيران, ثم مقاربة مع الثورات الملهمة كما اسماها, وهي مقاربة بين غزة المقاومة "فيتنام الثائرة" والضفة الغربية "فيتنام المتامركة".

 

ولكن المقاربة نفت ما هو اصيل بالضرورة في الثورة, وهو فهممها للصراع, وطبيعة الاحتلال الصهيوني, وفوارقه عن الاستعمار سواء في فيتنام او غيرها, فنحن امام حالة احتلال واحلال, وليس استعمار, ولعل هذا اول الاخطاء التي وقعت فيها الثورة الفلسطينية, وهي عدم فهم اصل الصراع وجوهره, فنحن لسنا امام مشروع استعماري, يستهدف سرقة الموارد وتعظيم القوة, بل امام احلال وابادة, واقلها اجلاء وتهجير, وعليه ليست المشكلة في السلطة التي نسعى الى منازعتها على الشرعية, او مع منظمة التحرير الفلسطينية, التي جرى تخليقها في مختبر جامعة الدول العربية العقيم, وبرعاية انظمة تباينت بين الرجعية والقومية, مع ثبات عامل استهداف الديمقراطية والتنمية البشرية بين تلك الدول وانظمتها.

 

لا أميل الى الاعتقاد, بعد ما رأيناه في حرب الابادة على غزة, ومحاولة ابادة فرص الحياة في الضفة, ان هناك ثورة يمكن ان نستلهم منها, حتى تجرى المقاربة والمقارنة, لضرورة انتاج مشروع فلسطيني, قادر على مقاومة المشروع الصهيوني, باستثناء شبهة مقاربة, مع جنوب افريقيا, ولكن مع فارق هائل, لان الكيان العنصري, لا يقبل بالفلسطينيين حتى كعبيد, لكن فيه من العنصرية ما يفيض عن حاجة المقاربة, ولذلك تعي الكيانات الصهيونية المتعددة والمتنوعة, بأن اي دولة فلسطينية منزوعة السلاح والدسم, او منزوعة الحدود والسيادة الشُرطية حتى, هي علامة على زوال الكيان.

 

المشروع الفلسطيني القادر على المجابهة والمقاومة, هو مشروع فلسطيني قائم على لم الشتات الفلسطيني والداخل الفلسطيني كله, لتحقيق الدولة الواحدة, بكل اشكال المقاومة, التي ترفع كلفة الوجود الصهيوني على ارض فلسطين كل فلسطين, فالتجزأة والمرحلية كلها, كانت لايصال القضية الفلسطينية الى ما وصلت اليه, من سلطة خائبة ومنظمة هي اصبحت " كادوك", حسب تعبير ياسر عرفات رحمه الله, وهذا هو جوهر القادم, والذي يعني ببساطة زوال كل اشكال التمثيل السابقة الزائفة, اما ما ورد في نهاية عبارة التمثيل, السابقة, والتي تتحدث عن تحالفات عربية واسلامية, فإنها ايضا بائسة, لانها تستثني تحالفات انسانية اعطت لفلسطين وقضيتها زخما غير مسبوق, بدليل حراك العواصم العالمية