نبض البلد -
في اختبار آسيوي صعب..
الأنباط – ميناس بني ياسين
يخوض نادي الوحدات مساء اليوم مواجهة مفصلية أمام الوصل الإماراتي ضمن الجولة الثانية من دور المجموعات في دوري أبطال آسيا 2025 مباراة تمثل أكثر من مجرد ثلاث نقاط، بل هي امتحان حقيقي للشخصية والهوية، وفرصة لإثبات أن السقوط المدوي أمام المحرق البحريني برباعية نظيفة كان مجرد كبوة، لا بداية لانحدار جديد في المحفل القاري.
الخسارة الثقيلة أمام المحرق لم تكن فقط صدمة فنية بل زلزال نفسي ترك أثره العميق على جماهير "المارد الأخضر"، التي وجدت نفسها أمام واقع مقلق ومؤلم، خصوصًا أن الفريق بدا في تلك المباراة بلا هوية ولا روح، هذه الخسارة لم تمر مرور الكرام، وأسفرت عن استقالة المدرب البوسني داركو نيستروفيتش، الذي تحمّل جانبًا كبيرًا من المسؤولية بعد سلسلة أخطاء فنية وتكتيكية جعلت الوحدات يظهر بصورة باهتة، لا تليق بتاريخه ولا بطموحاته.
وفي خضم هذا المشهد القاتم جاء التعاقد مع المدرب الوطني جمال محمود كخطوة إنقاذية أعادت شيئًا من الأمل والثقة، ليس فقط في قدرة الفريق على النهوض، بل في فكرة الاعتماد على شخصية مدرب يعرف النادي يفهم طبيعته، ويتنفس تفاصيله، وجمال محمود الذي يملك تاريخًا حافلًا في الملاعب الأردنية، ليس غريبًا عن "المارد الأخضر"، بل هو أحد أبناء النادي وروحه، ما يجعل مهمته اليوم مضاعفة، بين التحدي الفني والحمل المعنوي الكبير الذي وضعته الجماهير على عاتقه.
ومنذ لحظة تسلمه المهمة بدأ محمود العمل على الجوانب النفسية، متحدثًا مع اللاعبين فردًا فردًا، محاولًا استنهاض الروح التي غابت في المباريات الماضية وفعليًا، بدأت لمسات التغيير تظهر محليًا، بعد تحقيق فوزين مهمين على الحسين والسلط، استعاد من خلالهما الفريق شيئًا من توازنه وثقته بنفسه لكن الليلة أمام الوصل، سيكون الاختبار الحقيقي ليس فقط لأن الخصم قوي ومدجج بنجوم ومحترفين يفوق عددهم السبعة، بل لأن المباراة تأتي في توقيت حساس، وبعد ضربة مؤلمة ما زال صداها يتردد.
الوصل الإماراتي ليس بالفريق السهل وقد أظهر قوته الهجومية العارمة بسحقه لاستقلال الإيراني بنتيجة 7-1 في الجولة الأولى غير أن تحليلات الأداء كشفت أن هذا الفريق، رغم خطورته ليس بمنأى عن الضغط ويمكن تحجيمه إذا ما نجح الوحدات في فرض سيطرته على وسط الملعب، وإغلاق المساحات أمام مفاتيح لعبه، خاصة على الأطراف حيث يشكل الوصل خطورته الأكبر.
فـ على الوحدات أن يدخل اللقاء بروح المنتصر لا بروح المتخوف من السقوط مجددًا واللعب يجب أن يكون محفزًا لا عبئًا، و السيطرة على الكرة التحكم بإيقاع اللعب، وتجنب الأخطاء الفردية الدفاعية ستكون مفاتيح أساسية لفرض الذات والأهم، أن يُظهر اللاعبون ما تعوّد جمهورهم على رؤيته القتالية، الإصرار، وعدم الاستسلام حتى آخر دقيقة.
هذه المباراة تمثل فرصة العمر لجمال محمود ليبدأ عهدًا جديدًا ليس فقط مع الوحدات بل مع جماهيره التي تنظر إليه كرمز للمدرب الوطني القادر على مقارعة الأسماء الكبيرة من مدربين أجانب، وهذه الجماهير التي صبرت وواكبت الفريق رغم الخيبات، تنتظر أن ترى اليوم فكر جمال على أرض الملعب وأن تشاهد فريقًا مختلفًا يلعب بهوية، ويقاتل كشخصية واحدة وحتى لو لم تكن النتيجة مثالية، فإن الصورة العامة والانطباع، والأداء ستكون مؤشرات هامة على مدى قدرة جمال على قيادة مشروع نهضة وحداتية حقيقية.
ورغم ثقل المباراة وصعوبتها فإن الرسالة الأهم التي يجب أن تصل إلى كل جماهير الوحدات والشارع الكروي الأردني هي أن جمال محمود بحاجة إلى الدعم والثقة والتقييم لا يجب أن يكون آنيًا، ولا يجوز تحميله مسؤولية ما ورثه من مرحلة مضطربة بل يجب منحه الوقت والبيئة المناسبة ليبني الفريق كما يجب، فالتغيير الحقيقي لا يولد من ليلة وضحاها.
ويقف الوحدات على مفترق طرق حاسم؛ إما أن يثبت أن ما جرى أمام المحرق كان كبوة عابرة، وينطلق من جديد نحو حلمه الآسيوي، أو يدخل في حسابات صعبة ومتشابكة قد تعصف بطموحاته باكرًا.