من يمثل الرأي العام في الأردن ؟

نبض البلد -

أحمد الضرابعة

لتعرف كم أن الرأي العام مختطفٌ في بلادنا، وأن هناك من يتسابق في الداخل والخارج على تمثيله والتعبير عنه ووضعه في قوالب جاهزة للصدام مع السلطات الرسمية والإضرار بصورة هذه الأخيرة على المستويين المحلي والعربي، لاحظ مسارات الدعاية الإعلامية التي رافقت حدث توقيف أحد "المؤثرين"، والتي أخذت بسرعة كبيرة أبعاداً إقليمية، لن يكون مفاجئاً إذا وصلت حد الدعوة للإفراج عنه من استغل أحداثاً مشابهة لتسجيل بعض المواقف في ظروف سابقة.

هذا "المؤثر" الذي وضحت المصادر الرسمية أن سبب اعتقاله هو شكوى مسجلة ضده لدى وحدة الجرائم الإلكترونية سرعان ما وضع المأزومين على أكتافه حمولة سياسية، فهو في نظرهم مجرد "عتّال" أوجدته الصدفة لينقل مصالحهم دون أن يدري.

ما يدعم ذلك أن وسائل إعلام تتلقى التمويل سلطت الضوء على هذا الحدث العادي وسعت لتصدير روايتها الخاصة بشأنه خدمةً لأجندة معروفة. ورغم التوضيحات الرسمية في هذا الشأن، فإنها لم تجد صداها في قنوات وصحف أصرّت على وضع هذا الحدث العادي في سياق "منع التعاطف مع قضية غزة"، في مشهد لا مهنية فيه ولا رسالة أخلاقية.

هذه القنوات والصحف والمواقع الإخبارية ذاتها سبق لها أن هاجمت الدولة الأردنية أكثر من مرة وعملت على تحريف كلمات الملك حول فلسطين عند لقاءه الرئيس الأميركي ترامب في فبراير الماضي.

لا شك أن الأردن حريصٌ على الالتزام بموازنة علاقاته مع الدول العربية والإقليمية؛ لأن مصالحه الوطنية تتطلب ذلك، ولكن لا بد من وضع حد للهجوم الإعلامي الذي تشنه بعض هذه الدول سعياً لبناء صورة سلبية عن الأردن في المخيال السياسي العربي، وهذا على الأقل يتطلب التعامل الإعلامي بالمثل، فالدول والتنظيمات التي تستسهل الإساءة للأردن وتقزيم جهوده الإغاثية منشورٌ عنها الكثير من الوثائق والأدلة التي تفضح أدوارها السياسية في أكثر من ساحة، وهذا يكفي لفضح تناقضاتها أمام الرأي العام العربي، وهنا تبرز الحاجة إلى تطوير استراتيجيات إعلامية ذكية تحول دون الاستمرار في تشويه صورة الأردن، وتتيح الرد الفوري على من يسعى لذلك دون أي مجاملات أو حساسيات.