نبض البلد - في عالم سريع الإيقاع، أصبح التوتر المزمن أشبه بوباء صامت يهدد الصحة، إذ يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة، بدءاً من أمراض القلب وضعف المناعة وصولاً إلى الاكتئاب والقلق. وغالباً ما يعيش البالغون، الذين يحاولون التوفيق بين العمل والعلاقات والضغوط المالية ورعاية الآخرين، تحت وطأة التوتر لسنوات دون إدراكهم للتأثير البيولوجي العميق لهذا الضغط المستمر.
ويُعد هرمون الكورتيزول، الذي يُتداول كثيراً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، المحور الأساسي في هذه الاستجابة الجسدية، إلا أن فهمه العلمي غالباً ما يكون مشوشاً.
في الحقيقة، يُعتبر الكورتيزول نافذة علمية مهمة لقياس تأثير التوتر على الجسم، لكن أدوات تتبعه الحالية تعتمد إما على التشخيصات الطبية الباهظة أو على تقارير ذاتية غير دقيقة، وفقاً لما ورد في "إنتريستنغ إنجينيرينغ".
في خطوة مبتكرة، طوّر فريق بحثي في جامعة تافتس الأمريكية، بقيادة البروفيسور سمير سونكوسال، حلاً بسيطاً ومتاحاً للجميع: جهاز استشعار للكورتيزول مدمج في خيط تنظيف الأسنان.
هذا الجهاز، الذي يبدو كخيط تنظيف الأسنان العادي، يعمل بطريقة ذكية جداً، إذ يستفيد من حركة اللعاب عبر الخيط بواسطة الخاصية الشعرية، لينتقل السائل إلى مقبض الخيط، حيث توجد أقطاب كهربائية قادرة على قياس مستويات الكورتيزول بدقة.
كيف يعمل المستشعر؟
يعتمد الاكتشاف على تقنية البوليمرات المطبوعة جزيئياً (eMIPs)، التي تسمح بإنشاء قالب دقيق حول جزيء الكورتيزول. وعندما يُزال الكورتيزول من القالب، يظل البوليمر محتفظاً بشكل الجزيء، مما يُمكّنه من التقاط جزيئات الكورتيزول الجديدة بشكل انتقائي أثناء مرورها.
هذه التقنية المبتكرة منخفضة التكلفة، ولا تحتاج إلى تطويرات معقدة كتلك المطلوبة لأجهزة الاستشعار القائمة على الأجسام المضادة، كما أنها مرنة وقابلة للتعديل، ما يفتح المجال أمام إمكانية تطوير مستشعرات أخرى للكشف عن هرمونات مثل الإستروجين أو الجلوكوز أو حتى مؤشرات السرطان، وربما قياس أكثر من مؤشر حيوي في وقت واحد لتعزيز مراقبة الصحة بشكل شامل.
هل هو بديل عن الفحوصات الطبية؟
على الرغم من أن الجهاز يُعد أداة واعدة لمراقبة الصحة بشكل يومي وسهل، إلا أنه ليس بديلاً عن التشخيص الطبي الدقيق، الذي يبقى معتمداً على تحاليل الدم كمعيار ذهبي.
ومع ذلك، فإن استخدام هذا الجهاز قد يكون مفيداً لمراقبة الحالة الصحية باستمرار، وخاصة للأشخاص الذين يتابعون علاجاً لحالة قلبية أو غيرها، ما يُتيح فرصة التدخل المبكر عند ملاحظة أي تغييرات مقلقة.