اجتماع الطاولة المستديرة الأول حول دَور الفن والثقافة في معالجة قضايا اللجوء والنزوح بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

نبض البلد -

عمان-نبض البلد


تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مجموعةً من التحديات الديناميّة المعقدة، ومن هذه التحديات أزمة النزوح واللجوء التي تعتبر الأكبر حجماً منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. 
فالمنطقة تعاني من انعدام الاستقرار في كل من سوريا وليبيا والعراق واليمن، والذي امتد تأثيره الواضح الغير مباشر إلى البلدان المجاورة. ونتيجةً لذلك، أصبحت معظم البلدان في المنطقة إما بلدان مصدرة أو مستقلبة للحركات والتّنقّلات السُّكانيّة؛ فأربعون بالمائة (40%) من مجموع 70 مليون شخص يعتبر إما لاجئاً، أونازحاً داخلياً أوعديماً للجنسية، موجودون في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي منطقة لا يُشكِّلُ مجموع سكانها سوى حوالي 5% من مجموع سكان العالم.
وعقِبَ اعتماد الاتفاق العالمي بشأن اللاجئين، ما زالت شمولية الاعتراف، والإقرار بضرورة إدراج الفن والثقافة كمكون أساسي في الاستجابة لأزمات النزوح. فالاتفاق العالمي بشأن اللاجئين يُشدِّدُ على ضرورة احتواء الاستجابة الشمولية للاجئين على مقاربة "المجتمع ككل"؛ والتي تضمُّ العديد من أصحاب ذوي العلاقة، ومن ضمنهم السلطات المحلية؛ والمنظمات الدولية داخل منظومة الأمم المتحدة وخارجها، والأطراف الفاعلة الإنمائية الأخرى، والمؤسّسات المالية الدولية، والمنظمات الإقليمية، والمجتمع المدني والذي يشمل المنظمات الدينية وغيرها، والمؤسّسات الأكاديمية، والخبراء والقطاع الخاص، والفنّانون، والمؤثِّرون في الثّقافة، ووسائل الإعلام، واللاجئون أنفسهم.
وتأتي إقامة الشراكات الاستراتيجية والابتكارية مع الفنانين والمثقفين على مستوى المنطقة متوافقةً مع الأهداف الرئيسية لشبكة المجتمع المدني للاجئين والنازحين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا . فهذه الشبكة تهدف إلى تلبية النداءات وبالتالي تعزيز دور المجتمع المدني في الاستجابة إلى الأزمة؛ وذلك عن طريق توفير منصّة لذوي العلاقة المعنيين من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بهدف تعزيز آرائهم وأفعالهم فيما يصبُّ في صالح حماية ومساعدة اللاجئين والنازحين، ودعم المجتمعات المحلية المُضيفة لهم من منطلق مشاركة المسؤوليات.
ولقد استخدم اللاجئون - الذين أُجبروا وما زالوا مجبرين على الفرار من بيوتهم بفعل الأزمات السياسية، أو الاجتماعية أو الطبيعية- موضوع المنفى والتّغريب في الفنون والموسيقى والأدب وأشكال الفنون الأخرى، كوسيلة للحفاظ على الهوية الإنسانية متعددة الأوجه، والتي قد تُساعد في استعادة الإنسان قدرته على التّصرّف باستقلالية وامتلاك حرّيته في الاختيار والتي كان قد فقد جزء منها خلال عملية اللجوء أو النّزوح.

وقد استَخدَمت عددٌ من المبادرات الفنية، التي نُفِّذت داخل مخيّمات اللاجئين والمراكز المجتمعية الحضرية، أشكالاً من الفنون التقليدية لأغراض التّسلية، والتعليم والأغراض الاحتفالية؛ وحتّى بالنسبة إلى اللاجئين اليافعين الذين ولدوا خارج مواطنهم الأصلية، فقد يتردّد صدى الفنّ إليهم، ويُعيد ربط اللاجئين بالجذور الثقافية لهوياتهم.
ويَتحقّقُ، بسبب الاعتراف والإقرار بمجموعة المهارات والقدرات التي يجلبها اللاجئون معهم من مواطنهم، ضمانُ حصول اللاجئين على الفرص المطلوبة لإثراء وتعزيز تفاعلهم وانخراطهم الفني والعابر للثقافات داخل المجتمع المحلي المُضيف، مع العمل – في آنٍ واحدٍ معاً – على إبراز الحاجة إلى المزيد من فضاء للحماية، وسبُل كسب العيش، والحلول، والتمويل والتماسك الاجتماعي، ولا سيّما اللجوء والنزوح اللذان يطول أمدهما.
إنّ للفنِّ والثّقافة تأثيرٌ عظيمٌ في تشكيل الرأي العام، وتشكيل الخطاب الإيجابي، وخاصة فيما يتعلّق بالتّماسك المجتمعي بين اللاجئين والمجتمعات المُضيفة لهم. ومن جُملة عوامل أُخرى، فإنّ الثقافة والفنون قد يكونا المحفز الذي يستَخدَم في تقليل خطاب الكراهية والتّمييز.
إنّ مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حريص على إبراز التضامن الإقليمي بين الفنانين والمثقفّين عبر أرجاء المنطقة، وعلى مناقشة سُبُل إشراكهم وتعاونهم في تعزيز الاستجابة إلى أزمات اللاجئين.
وسوف يعمل المشاركون باجتماع الطاولة المستديرة على صياغة التّعهّدات، والمساهمات، والممارسات الجيدة اللازمة لدعم اللاجئين والنازحين المشمولين ضمن مسؤوليات مفوضية اللاجئين، والذي سيتم مشاركته في المنتدى العالمي للاجئين، الذي سيُعقد في جنيف، يومي 17 و 18 ديسمبر / كانون الأول 2019.
يتمثَّلُ الغرض من اجتماع الطاولة المستديرة على توفير منصّة للفنانين والمثقفين، من أجل مناقشىة دَورهم تجاه قضايا اللجوء والنزوح في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فقد كان ولا يزال هناك عددٌ من الأمثلة الناجحة التي تُساقُ على سبيل الممارسات الجيدة من أنحاء المنطقة، والتي يتعيّن استدامتها وتوسيع نطاقها، من خلال التّعاون الفعّال والمتنوَّع في ظلّ وجود هؤلاء الممثّلين في المجتمع.
وسوف تُطرَحُ ثلاث مجالات محدّدة بعينها لأجل مناقشتها، وهي:
1. ‌أ)الدَّور الذي يؤدّيه الفن والثقافة في صياغة الخطاب الدائر حول قضايا اللجوء والنزوح، بما يُعزّز التّماسك الاجتماعي، ويحدّ من خطاب الكراهية والتمييز، إلى حين العثور على حلول.
2. ب‌)الدَّور الذي يؤدّيه الفنّ والثقافة باعتبارهما وَسَطاً للتعبير عن كل ما أصاب اللاجئين من الصدمات، وتعزيز إجراء المزيد من الأبحاث بشأن أُطر السياسات وآليات التنسيق التي تدعم هذا الدور.
3. ت‌)الطرق المستخدمة في التعرُّف على مواهب اللاجئين وتنميتها، وإبراز تلك الأساليب باعتبارها مساهمةً مهمة في الإثراء والتّنوّع داخل المجتمعات المحلية المضيفة.
وقد تتضمّن مُخرجات المُشاركين تعهدات ومساهمات أو طرح ممارسات جيدة يتم مشاركتها في المنتدى العالمي للاجئين، مثل:-
* ⋅تعزيز إشراك الفنانين والمثقفين استجابة لأزمات اللاجئين داخل المنطقة.
* ⋅تأكيد التعبير الفني والثقافي باعتباره أحد مكوّنات الحماية المستندة إلى الحقوق.
* ⋅تحديد الأنشطة الفنية والثقافية كأداة مساعدة في تحقيق الغايات الإنسانية.
* ⋅تعزيز الأبحاث والمشاركة في استخدام الأنشطة الفنية للأغراض الإنسانية.
* ⋅الاستثمار في القدرات الفنية لدى اللاجئين الموجودين في المجتمعات المُضيفة.
* ⋅تحديد الفجوات والتحديات الرئيسة في الأدوار التي يستطيع الفنانون والمثقفون أداءها على صعيد تلبية الاحتياجات النفسية الاجتماعية للأشخاص النازحين.