نبض البلد - كنت قبل يومين في (معان) في لقاء وطني جمعني مع نخبة من كبار المسؤولين والشخصيات الوطنية من شيوخ ووجهاء وعسكريين سابقين وأكاديميين، بدعوة من أخي معالي د. بركات عوجان على شرف معالي د. عوض خليفات، حيث جاء التأكيد صريحاً:- ((الأردن للأردنيين فقط، لا مقايضة على سيادته، ولا مجال لبدائل مشبوهة، ولا قبول لأي مشاريع خارجية أو داخلية تهدف إلى المساس بالهوية الوطنية، أو فرض أجندات على الدولة)).
تم التشديد على أن العمل الوطني لا يقاس بمنصب أو سلطة، بل بالوفاء للوطن، والإلتفاف خلف القيادة الهاشمية الراسخة في مواقفها، والعازمة دوماً في الدفاع عن السيادة والثوابت الوطنية. حيث أن الأردن يواجه اليوم تحديات جمّة، أهمها مخططات اليمين الصهيوني المتطرف التي تسعى إلى تهجير الفلسطينيين، وتكريس موضوع الإستيطان، وفرض الوقائع في الضفة الغربية، مع ما يترتب على ذلك من تهديد مباشر للأمن الوطني الأردني.
لا يخفى على أحد بأن الوقوف مع أهلنا في فلسطين هو واجب وطني وأخلاقي، وأن أي محاولة لتجميل مشاريع تهدد الأردن أو تمريرها باسم (المرحلة القادمة) ليست إلا خداعاً مكشوفاً، ومقامرةً بمصير الأردن. وأن الانتماء الحقيقي يظهر خارج نطاق الخدمة العامة، حيث تنكشف النوايا الصادقة وتُختبر المعادن الحقيقية. فالمناصب زائلة، أما الوطن فهو (الثابت) الوحيد، والولاء (الحقيقي) لا ينتهي بانتهاء الخدمة. هنا يظهر الفرق بين من يخدم الأردن كقضية مصيرية، ومن يراه مجرد ورقة تفاوض لمصالح الآخرين. وأن أي محاولة للإنقضاض على سيادته، أو تحويله إلى ساحة تصفية لقضايا الآخرين سيكون مصيرها الفشل.
خلاصة القول؛ فإن البوصلة الأردنية يجب أن تبقى ثابتة تجاه فلسطين، والانتماء للوطن ليس شعاراً يُرفع عند الأزمات، ولا تصريحاً دبلوماسياً للتغطية الإعلامية. إنما هو موقف بُطولي يُختبر حين تسقط الأقنعة، ويُطلب من الأردنيين دفع أثمان سياسية وأمنية واقتصادية ليست لهم، إلا من أجل حماية الدولة والحفاظ على سيادتها.
الرسالة من (معان) كانت حاسمة ومختصرة: "الأردن وطن سيادته خط أحمر".
حفظ الله الأردن وطناً آمناً مستقراً سنداً لشعبه وأمته، وعصياً على كل ما يُحاك في الظلام.