نبض البلد -
أحمد الضرابعة
يُسيء الكثيرون - بعلم أو بجهل - للأردن وهم يحلّلون ضرباته لأوكار المهربين في سوريا. هنا نقاط مهمة أود توضيحها للمساعدة في الفهم:
- حماية الأمن القومي هي الدافع الأساسي للمملكة الأردنية الهاشمية لشن هجمات محددة في السويداء، وهذا يتم بقرار سيادي أردني بحت نابع من قراءة صانع القرار للمتغيرات السورية وإدراكه ضرورة تكييف السياسة الأردنية تبعاً لها وهذا يتطلب اللجوء لاستخدام أدوات فعالة وحاسمة
- الأردن ليس خصماً للدروز ولا للبدو، خصمه الوحيد هي شبكات التهريب التي تضر أهالي السويداء قبل الأردنيين وبالتالي فإن أي قراءة طائفية للتحرك العسكري الأردني هي قراءة مغرضة لا هدف منها سوى في تقديم الطروحات الانفصالية وتبريرها
- صحيح أن الأردن يدعم سوريا واحدة موحدة غير قابلة للقسمة إلا أن جهوده في هذا السياق تأتي ضمن إطار عربي وتنسيق إقليمي واسع، وبالأدوات السياسية والدبلوماسية، وهو غير معني بالتورط العسكري في أي خلاف داخلي سوري، ولذلك فإن تصوير ضرباته لأوكار المهربين كدعم مباشر وخاص للحكومة السورية ضد مكون اجتماعي سوري محدد يفتقر للدقة
- الضربات العسكرية الأردنية في سوريا دوافعها ومبرراتها وأهدافها وطنية بحتة، ومتى ما ارتأى الأردن بأنها تحققت ولم تعد هناك خطورة على أمنه القومي فإن نشاطه العسكري سينتقل من حالة الهجوم والعمليات الاستباقية إلى حالة الدفاع التقليدي عن الحدود كما كان في السابق
- لم ترفع إسرائيل الغطاء بعد عن مواليها في السويداء، ولا مؤشرات على ذلك بعد، وبالتالي فإن الضربات الأردنية ليست موضع ترحيب إسرائيلي كما يحاول البعض أن يسوق ذلك لإظهار التحرك العسكري الأردني وكأنه محكوم بالموقف الإسرائيلي. الهدف من ذلك هو نزع الشرعية الأخلاقية والشعبية عن ضربات الجيش العربي وتشتيت الانتباه عن "المسؤول الحقيقي" عن تصنيع وحماية المخدرات خلف الحدود ولتصوير الأردن كأنه جزء من حلف بينما هو في الواقع يقاتل وحيداً في مواجهة تهديد غير تقليدي
- يُحاول المُتضررون من فناء حكم الأسد استغلال الضربات الجوية الأردنية ضد المهربين لإثارة الحساسيات بين الشعبين الأردني والسوري والإيقاع بينهما عن طريق إظهار ذلك كاختراق للسيادة الوطنية السورية. هؤلاء البؤساء لم يروا ثقة الأشقاء السوريين بالقوات المسلحة الأردنية واحترامهم لمهمتها الأخلاقية وهي تدك معاقل تصنيع الممنوعات ومُهرّبيها الذين يعتاشون في البيئات الأمنية الرخوة. يدرك المواطن السوري البسيط أن الأردن كان ولا يزال الرئة التي تنفس منها ملايين اللاجئين، وأن أمن عمّان هو من أمن دمشق، والعكس صحيح وأن أي ضربة أردنية لن تكون موجهة للشعب السوري أو لدولته، بل لمجموعات إجرامية منظمة تستغل غياب الضبط الأمني لملء جيوبها على حساب دماء الشعوب