نبض البلد - عمر كلاب
لا نحتاج الى مزيد من الوقت كي نكتشف كم تأخرنا, بل نحتاج الى مزيد من العمل, كي ندرك ما فاتنا, فنحن على مفترق مسافة, بين ضياع الجغرافيا, وفقدان التاريخ, فالانشغال باليومي دون ربطه بالاستراتيجي, يربطنا بساعة معلقة على جدار الوهم, وهم القوة ووهم حاجة البشرية لنا, وسبق ان كتبت ذات يوم, ماذا لو استيقظ العالم يوما دون العرب, لا اظن ان خسارة البشرية ستكون كبيرة, ربما سنحتل بعض دقائق على مواقع التواصل الاجتماعي, وربما سنكون مادة حوار بين جارتين في احدى العواصم الغربية.
يعلو صوتنا الافتراضي, مع كل حدث, وينخفض معه تأثيرنا الواقعي, لاننا نتعامل باليومي او بالتجزأة, نستيقظ اننا بلا خطط ولا برامج, فأطول برنامج هو موازنة الدولة, التي نناقشها قبل العمل بها, ولا نكلف خاطرنا, مناقشة حُسن تنفيذها, والتزامها ببنودها, مكتفين بمراجعات من ديوان المحاسبة او بعض التفات من هيئات النزاهة والرقابة, وأجمل التعليقات واطرفها عند حدوث الازمات او الانتهاكات المالية والادارية, قول المسؤول ليس على وقتي او زمني, كما هو توضيح وزراء ورؤساء بلديات مؤخرا, فهل جاء هؤلاء على دبابة مثلا, ام انهم مسؤولون بالتناوب, سواء عن الفعل ام عن كشف السابق.
نحن الوحيدون الذي يستبدل المسؤول ثلاث مواقع في حكومة واحدة, دون ان نسأل عن مهاراته, التي أهلته لتولي كل هذه المواقع, لا اتحدث عن المواقع بعد مغادرة الموقع, بل خلال المواقع الوزارية او الرسمية, ونحن فقط من نستطيع تدوير الاشخاص لمواقع متعددة, وبنفس القدرة والمهارة على التمويه والخداع, ولعلنا كما قال الفنان الماغوط, نكذب بكل صدق, فنحن نقدمه بنظرية المنقذ, ونقيله بنظرية المخرب, ولا احد يسأل او يراجع, حتى عندما يستيقظ من الموت الوظيفي, بالعودة في وظيفة قادمة.
خروج التخطيط والسياسات من العقل الرسمي, ليس وليد اليوم, بل منذ عقود, منذ ان اكتشف العقل الليبرالي المتوحش, ان الرأي العام في الاردن يمكن تزييفه, بل لا يمكن الاستئناس له, فالشارع الشعبي مجرد من مشاعر المتابعة, ليس لعجز فيه, بل لانه حائر بين حالتين, حالة احباط دفعت بالثلثين الى الانضمام الى حزب الجالسين في منازلهم, والثاني الذي ربط موقفه بثمن سريع, سواء بثمن صوته الانتخابي او وظيفته القادمة, ولم نحرك ساكنا ولم نتحركو تاركين للفضاء الافتراضي تشكيل مواقفنا, وكان الازمة اليوم, لكن معروف بأن الانتشار على الفضاء الالكتروني, يطرده انتشار لاحق, لذلك يلجأ العقل الرسمي الى المُنتشرين على المواقع الافتراضية ولا اقول المؤثرين, بدل الانحياز الى الفاعلين.
نحتاج فعلا الى خليتين, الاولى تمارس اليومي وتضبط ايقاعه, على ضوء عمل الخلية الثانية المعنية بالاستراتيجي, ودون ذلك ستبقى ازماتنا مفتوحة, وكذلك جراحنا, فالازمة ليست وليد لحظة, ولا يمكن الخروج منها بلحظة, بل بقرار وارادة, ولا يستلزم ذلك مؤتمرات وطنية او لجان, بل بالعودة الى الادراج واخراج ما تم التوافق الوطني عليه وتشخيصه في فترات سابقة, يكفي الاشارة الى دراسة سابقة عن العنف الجامعي تم اعدادها في 2010, وهي صالحة للعمل بها اليوم.