هل يهدد الذكاء الاصطناعي سلامة المرضى؟

نبض البلد -

أبو زيد: لجوء الناس لـ"شات جي بي تي" في الأمور الطبية مرده تكاليف الأطباء المرتفعة
الصرايرة: أهمية رفع وعي المستخدمين حول كيفية التعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي

الأنباط – آية شرف الدين

مع الطفرة المتسارعة في عالم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، أصبح كثير من الناس يلجأون إلى هذه الأدوات للبحث عن حلول لمختلف جوانب حياتهم، بما في ذلك القضايا الصحية.
وفي هذا السياق، باتت تطبيقات مثل "شات جي بي تي" تستخدم لتشخيص الأمراض وقراءة صور الأشعة وتحاليل الدم وتفسيرها بديلاً عن مراجعة الأطباء، في محاولة لتوفير الوقت والجهد وتقليص تكاليف العلاج.
غير أن خبراء ومختصين حذروا من خطورة هذه الممارسات، مؤكدين أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في مثل هذه الحالات قد يؤدي إلى تشخيصات خاطئة ووصفات علاجية متضاربة قد تهدد حياة المرضى.
الدكتور محمد أبو زيد، استشاري الباطنية والقلب، قال في حديثه لـ"الأنباط" إن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل "شات جي بي تي" في تشخيص الأمراض أو وصف الأدوية لا يمكن أن يشكل بديلاً عن الطبيب البشري، مشيراً إلى أن نسبة الأخطاء قد تصل إلى 60%.
وأوضح أبو زيد أن بعض المرضى يعمدون إلى رفع صور الأشعة أو نتائج التحاليل الطبية إلى تطبيقات الذكاء الاصطناعي للحصول على تفسير، لكنها في النهاية لا تضاهي خبرة الطبيب ولا تقدم تشخيصاً دقيقاً. وأضاف: "قد يكون شات جي بي تي أداة مساعدة للطبيب، لكن القرار النهائي يبقى بيد الطبيب وحده، لأنه الأكثر دقة في تحديد التشخيص الصحيح".
وأكد أن الاعتماد الكامل على هذه التقنيات قد يقود إلى مضاعفات صحية خطيرة، مبيناً أن هناك عدة عوامل تدفع الناس للجوء إليها، أبرزها الأوضاع المادية الصعبة وارتفاع تكاليف العلاج، إضافة إلى ضعف الثقة أحياناً بخدمات القطاع الصحي، فضلاً عن رغبة البعض في اختصار الوقت والتحقق من تشخيص الطبيب.
وحذر أبو زيد من خطورة الحصول على وصفات دوائية أو تعليمات علاجية من الذكاء الاصطناعي، موضحاً أن هذه الأنظمة لا تراعي التداخلات الدوائية أو الآثار الجانبية المحتملة، وهو ما قد يؤدي إلى مشكلات خطيرة في القلب أو أعضاء أخرى من الجسم. وتابع أن هناك تساؤلات طبية دقيقة لا يمكن لمثل هذه الأنظمة الإجابة عنها، مثل تفاعل دواء مع آخر أو تأثير العلاج على مريض يعاني من مرض مزمن، مشدداً على أن المرجع الأساسي والوحيد في هذه الحالات يبقى الطبيب.
وفيما يتعلق بمستقبل المهنة في ظل انتشار الذكاء الاصطناعي، شدد أبو زيد على أن التكنولوجيا والطب يسيران جنباً إلى جنب لتطوير وسائل العلاج، لكن دور الطبيب يظل محورياً ولا يمكن الاستغناء عنه. وختم حديثه بنصيحة للمرضى بعدم الاعتماد على "شات جي بي تي" في القضايا الطبية الحساسة، مؤكداً أن الحل يكمن في رفع مستوى الوعي الصحي وتحسين الأوضاع المعيشية للمرضى وتعزيز الثقة بين الطبيب والمريض.
من جانبه، حذر مهندس البرمجيات وخبير التكنولوجيا الرقمية أحمد الصرايرة من مخاطر الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل "شات جي بي تي" في القضايا الطبية، مشيراً إلى أن أي خطأ ولو بنسبة بسيطة قد يؤدي إلى أضرار جسيمة على صحة المرضى.
وأوضح الصرايرة أن هذه الأدوات تعتمد على معلومات يتم تدريبها عليها من قبل خبراء ومتخصصين، ما يجعلها تقدم إجابات قائمة على احتمالات وآراء متعددة. وأضاف أن المشكلة تكمن في أن الذكاء الاصطناعي لا يستطيع تشخيص الحالة الطبية بدقة، خصوصاً وأن المريض نفسه قد لا ينجح أحياناً في وصف معاناته بشكل كامل حتى للطبيب المختص، فما بالك عند إدخالها كبيانات نصية للآلة. وأشار إلى أن أي خطأ في صياغة الوصف أو "البرومبت" قد يؤدي إلى نتائج مضللة أو حتى مضرة.
وبيّن الصرايرة أن كثيرين يتجهون لاستخدام هذه الأدوات بدلاً من مراجعة الأطباء بسبب ضغط الوقت وطول فترات الانتظار في المستشفيات وارتفاع تكاليف العلاج، لكنه أكد أن ذلك لا يقلل من حجم المخاطر التي قد تنجم عن الاعتماد الكلي على هذه التطبيقات.
ولفت إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يستخدم للحصول على فكرة عامة أو مجموعة احتمالات حول الأعراض، لكنه لا يصلح لأن يكون مرجعاً تشخيصياً أو علاجياً. وقال: "يمكن لهذه الأدوات أن تنير المريض ببعض الخيارات، لكنها لا تملك القدرة على تحديد التشخيص أو وصف العلاج الصحيح، وهذه مسؤولية الطبيب وحده".
وختم الصرايرة بالتأكيد على أهمية رفع مستوى وعي المستخدمين حول كيفية التعامل مع أدوات الذكاء الاصطناعي ومعرفة حدودها، خصوصاً في المجالات الحساسة مثل الطب، داعياً إلى عدم استخدامها كبديل عن الأطباء وإنما كوسيلة للاطلاع العام أو للحصول على فكرة أولية فقط.