صرخة ألم بسبب ولي الأمر...

نبض البلد -
صرخة ألم بسبب ولي الأمر...

في قسم الحروق في المستشفى، تشق أنين المرضى وآلامهم صرخة ألم قوية تمزق ذلك الهدوء، من طفل في بدايات عمره تزرع الرعب في الأجواء، تختلط المشاعر بين التعاطف والتساؤل: ما الأمر؟ من السبب؟ ما الذي حدث؟ ثم يأتي الجواب الصارخ.

كان الطفل يرافق والديه أو أحدهما في مركبتهم، وحدث حادث، وطار الطفل من زجاج المركبة، ليحط على الإسفلت ويسير مسافة وهو على هذه الحالة حتى يتوقف. تمزق جلد الظهر بسبب الاحتكاك مع الأرضية، وهنا في قسم الحروق يأخذون من جلد الفخذ ليتم ترقيع جلد الظهر، وفي كل تنظيف أو تغيير للحروق يسمع ذلك الصوت الرهيب، بسبب الألم الشديد الذي يرافق ذلك الإجراء.

بداية ندعو له ولكل الأطفال حولنا بالسلامة والمعافاة الدائمة، ونحمد الله على تلك النعمة التي مَنَّ الله بها علينا، لوجود تلك الأقسام المتخصصة للحروق، والتي تعطي المريض كل الاهتمام والرعاية والأدوية والمسكنات.

ونعود إلى الاستخدام السليم للمركبة، وذلك الاستخدام الذي نشاهده يومياً من بعض الآباء والأمهات. هناك جهل أو تجاهل غريب، هل يدرك الأب أو الأم ما الذي سيحدث في حال تعرضت المركبة لتوقف مفاجئ لأي سبب؟ أو اعترضت الطريق مركبة بسبب انشغال سائقها في الجهة التي يسعى للوصول إليها عبر تلك التطبيقات التي تملأ مركباتهم شوارعنا؟ لقد بتنا نقود مع مجموعة من الغائبين عن الوعي، آخر همهم هو ما يحدث من حولهم، فهو مشغول بالطلبات والاتجاهات والاتصالات مع الأطراف التي يسعى للوصول إليها. ولدينا بعض سائقي الآليات الكبيرة ليس لديهم أدنى حِلم أو حكمة في التعامل مع من حولهم، بل قد تجده يسابق فتى يقود مركبة كهربائية.

بين تشديد القوانين وبين أن تكون رادعة، وبين التشدد في منح الرخص أو التأكد من إعطائها لمن يستحقها لدينا فجوة كبيرة.

تغيير المسرب بشكل مفاجئ، أو الدخول إلى الدوار، أو إعطاء الأولوية، أو الوقوف في منتصف الطريق ليتفاجأ به من خلفه... قصص مختلفة، تحتاج إلى تشديد العقوبة من جهة، ومن جهة أخرى يأتي دور ولي الأمر الذي يضع ابنه في المركبة دون التأكد من ربطه بحزام الأمان. وعند التعرض لمثل هذه الحوادث يتعرض الأطفال لأذى كبير، وقد تحدث وفاة - لا قدر الله - فمن المسؤول هنا؟

الجرم والوزر هنا يقع على ولي الأمر بحسب التشريع والقوانين والأخلاق والأعراف، فالطفل لا يميز بين تلك المساحة للعب والمركبة، ولا يدرك خطورة الموقف، وإذا كان ولي الأمر لا يدرك خطورة الموقف فالمصيبة أعظم والوزر أكبر.

لا بد من تشديد العقوبات وأن تكون العقوبات رادعة، لمنع تلك الفئة من أولياء الأمور من المخاطرة بحياة أبنائهم أو التسبب بالأذى الشديد لهم. ونحن نرى يومياً البعض وهو يخرج أبناءه من المركبة من نافذة هنا أو فتحة هناك، ظناً منه أنه مكان للعب. فهل يدرك هذا خطورة الموقف؟ ولو توقفت المركبة توقفاً كاملاً وهي في سرعات تعتبر متدنية من ثلاثين إلى ستين كيلومتراً في الساعة، تعتبر هذه السرعة مؤذية جداً للطفل وغيره، وينطلق الطفل بسرعة تساوي أضعاف وزنه في الوقوف المفاجئ.

وفي سرعة ثمانين كيلومتراً فما فوق، تعتبر هذه السرعة قاتلة في حال التوقف المفاجئ بدون استخدام حزام الأمان، وكيف يصبح هذا الطفل كتلة متحركة تطير من المركبة، أو قد يتعرض لإصابات خطيرة أو قاتلة بسبب عدم ربط حزام الأمان سواء في المقاعد الأمامية أو الخلفية.

لا تكن سبباً في التسبب بالأذى لمن تحب، لأنك لا تريد أن تفرض عليهم ما يحميهم، فعند وقوع حادث - لا قدر الله - لن تلومن إلا نفسك.

إبراهيم أبو حويله..