مجلس النواب يسحب الصاعق ويحمي نفسه من الحل

نبض البلد -
اقتراح "العماوي" نجح في إنقاذ كتلة العمل الإسلامي من التجميد
إدانة النواب بالإجماع لخلية الصواريخ تحاصر "الجماعة"
جلسة حاسمة وحازمة وربما ستدخل التاريخ البرلماني بحمايتها رؤية التحديث

الأنباط – عمر كلاب

بمهارة وحُسن إدارة, نجح مجلس النواب في إنقاذ نفسه, من تداعيات سياسية وشعبية, كادت أن تتدحرج إلى مستويات أكبر, بإدانته الكاملة والشاملة, لشبكة الصواريخ التي نجحت دائرة المخابرات العامة, في تفكيكها باكرًا, وتحويلها إلى القضاء لقول كلمته فيها, بعد أن اجتهد النائب مصطفى العماوي, في تحويل رفض أعضاء جبهة العمل الإسلامي, لحمل السلاح وتوطينه في الأردن, إلى إدانة, باقتراحه التصويت وقوفًا على بيان الإدانة من مجلس النواب بعد أن ظلت كتلة جبهة العمل, متمسكة وممسكة, برواية فضفاضة وكلمات مرسلة, باستثناء مجموعة ضيقة التقطت الرسالة وفهمت القادم المرّ, ربما على رأسهم النائبة ديمة طهبوب والنائب ينال فريحات والنائب أيمن أبو الرب, الذين نجحوا نسبيًا في إنقاذ الكتلة من انفعال رئيس الكتلة, النائب صالح العرموطي, الذي كاد أن يعصف بالجلسة وأهدافها.

الجلسة التي ابتدأها رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي بكلمة مفتاحية دقيقة, لا تخلو من مهارة سياسية واضحة, تستهدف إنقاذ رقبة المجلس برمته, وأثبت الصفدي مهارته وتطوره السياسي والإداري, لجلسة سبقها تحشيد نيابي مضاد كان يستهدف الصدام مع كتلة الجبهة, لحماية مستقبله, وإرسال رسالة قوية للكتلة, بالخروج من خانة الرفض إلى خانة الإدانة, فكان التصعيد عنوان الجلسة, وكانت النتيجة واضحة, من خلال جملة قالها الصفدي, على شكل دعابة لكنها في الحقيقة, هي رسالة الجلسة بمجملها, حين داعب زميله, الأكثر فجاجة في الطرح, أحمد الرقب, بأنه لم يقف للتصويت على الإدانة, الذي صرخ بأعلى صوته, بأنه التزم بالوقوف, ثم أكد الصفدي, بأنه قام بالوقوف, وهي رسالة بأن جميع أعضاء كتلة جبهة العمل التزموا بالوقوف على الإدانة, بعد أن أمسكوا عنها.

السيناريوهات التي سبقت الجلسة كانت في مجملها صعبة فثمة اقتراح كان مطروحًا بتعليق عضوية نواب جبهة العمل الإسلامي وكان هذا الاقتراح سيجد طريقه للمرور, حسب مصدر نيابي مطلع, قبل أن ينجح العماوي وأظن بالترتيب مع الصفدي, في تحويل المسار إلى الإدانة الكاملة من كل أعضاء مجلس النواب وبالتالي إنقاذ الكتلة وإنقاذ المجلس, من "كرة ثلج" كانت ستتدحرج أكبر وأكبر وصولًا إلى العصف بالمجلس والحكومة, حسب النص الدستوري, فحل المجلس كان سيصل إلى حتميته لولا نجاح الصفدي والعماوي, في تمرير الغضب أولًا, ثم اجتراح الحل, الذي راهن كثيرون بأنه لن ينجح, لكن صلابة مؤسسات الدولة ورسائل النواب القاسية جعلت الحزب ونوابه يقفون للإدانة.

جلسة النواب الحساسة والنارية, وربما ستدخل التاريخ البرلماني, حسب وصف رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي, ل "الأنباط" فصلت بين الحزب و"الجماعة" في مقبل الأيام, فإذا كان الحزب قد أعلن إدانته بالوقوف, فإنه بشكل آخر, وبطريقة ثانية منح الضوء الأخضر للتعامل مع جماعة الإخوان المسلمين غير المرخصة, وفقًا لمقتضى الحكم القضائي, الذي اكتسب درجته القطعية منذ سنوات, والتي يتوقع أن تؤخذ مسارات تدريجية نحو تقليم أظافر الجماعة, قبل كف يدها عن العمل السياسي, بشكل حاسم وحازم, بعد أن استنفذت الجماعة, وفق مصادر متعددة كل أرصدتها السابقة, ولم يبق لها إلا التغني بالماضي الجميل, على حساب الحاضر المليء بالأخطاء والخطايا, حسب السلوك الواقعي منذ سنوات طويلة, كما قال مصدر مطلع.

نجاة الحزب وكتلته النيابية من تعليق العضوية وما سيتلو ذلك من إجراءات, حمت أيضًا, تجربة التحديث السياسي, التي حاول كثيرون استثمار شبكة الصواريخ, للعصف بكل مخرجات لجنة التحديث ومخرجاتها, ولكن عقل الدولة العميق, نجح في سحب الصاعق, وإعادة إنتاج حالة سياسية يشوبها الهدوء, ويمكن دوائر صنع القرار من إعادة الحياة السياسية إلى جادة الصواب, تحت لافتة القانون والدستور, وأظن أن رسالة الدولة وصلت إلى الجميع, فلا سلطة إلا سلطة الدولة, وعلى الجميع أن يخضع لسلطتها, وعدم استثمار سماحتها إلى حد الأضرار.

المجلس نجح في سحب الصاعق, والدولة لديها اليوم, مسارات سياسية واضحة, وخطوات محسوبة, لاستمرار الإصلاح السياسي, على قواعد دستورية وقانونية واضحة, محروسة بيقظة مؤسسات إنفاذ القانون ومؤسسات حماية الدولة, التي لم تعد تحت ولاية السلطة التنفيذية, بل تحت راية الدولة والعرش, وليس كما قال العرموطي, وأظنها -زلة لسان- بحكم الانفعال الشخصي والوطني, بأنه فتنة حكومية, فالحكومة سلطة تنفيذية مارست دورها التنفيذي, بموجب ملف كامل وشامل جاء من أجهزة حماية الدولة, وتم تحويله إلى القضاء, وليس لها دور غير ذلك, وما قامت به وزارة الاتصال كان دورها في عرض الوقائع على الجمهور الأردني, وهذا دورها أيضًا, لكنها لم تتدخل في أي مرحلة من مراحل العمل القبلي.