خليل النظامي

خليل النظامي يكتب:-رداءة محتوى، أم أزمة أخلاقية،،

نبض البلد -
نبض البلد -يعتقد الكثير من الناس أن صناعة المحتوى الإعلامي لا يقتصر فقط على المتخصصين العاملين في مجال الصحافة والإعلام، وأن باستطاعة كل شخص صناعة محتواه الخاص على طريقته الخاصة، وهنا الكارثة التي لا يتقبلها الجميع، وهي أن صناعة المحتوى ليست موهبة، وإنما تخصص له قواعد واسس وميكانزم عمل وانتاج واخراج ويخضع لـ منظومة اخلاقية وقانونية ومهنية. 

ومما ساعد في انهيار مهنة صناعة المحتوى في الأرن أن بلدنا تمتاز بغياب الجهات الرقابية بشكل كامل عن الساحة الإجتماعية التي تصب فيها مخرجات من يطلقون عليهم "صناع المحتوي"، وأدواتها المتكدسة في المستودعات قد صدأت من قلة الإستخدام، وإداراتها ما تزال في سبات عميق. 

والأدهى من ذلك، سوء استراتيجية التدريب وقلة خبرة المدربين في المراكز والأكاديميات الخاصة بـ التدريب على صناعة المحتوى الاعلامي، والتي تمددت مؤخرا بـ شكل أفقي وطولي دون رقابة، وبات باستطاعة كل "مزاجي" الحصول على ترخيص قانوني لـ مركز أو أكاديمية تدريب دون شروط وقيود، وبات كل من هب ودب يصنف أنه مدرب ومتخصص ومحاضر في مجال صناعة المحتوى الاعلامي دون اختبار لكفاءته وخبرته وسيرته العلمية والمهنية. 

وبـ المقارنة مع المجتمعات المتقدمة والمتحضرة، نجد أن مهنة وثقافة صناعة المحتوى بغض النظر عن شكله، لهما طبيعة تعامل خاصة من قبل الجهات الرقابية والتدريبية والارشادية التوجيهية، الأمر الذي جعلنا نستمتع ونستفيد من هذه الصناعة بشكل عمل على تنمية مهارات ومحاور التفكير لدينا في كافة شؤون الحياة الإجتماعية والسياسية والعلمية والاكاديمية والعقائدية وغيرها. 

أما لدينا في الأردن، فنرى أن الجهات الرقابية والتدريبية التوجيهية لا تعدو أكثر من مسميات بدون حشوة مهنية، ومدربين غير مؤهلين على صناعة المحتوى اصلا، لا التدريب على صناعته، لهذا من الطبيعي أن لا نرى ثقافة مهنية في صناعة محتوى حقيقي يضيف للجماهير المستهدفة أو المتابعة فائدة تذكر، وجل ما نراه لا يتجاوز دائرة الإثارة والإغراء والكوميديا السخيفة التي ليست بـ كوميديا أصلا، ومشاهير ليسو بـ مشاهير خاصة أن خوارزميات تطبيقات ومنصات التواصل الإجتماعي تؤكد أن معظم متايعيهم (FAKE) أو يقومون بشراء متابعين لهم من شركات خاصة بـ التواصل الاجتماعي. 

كل هذه العشوائية والفوضى المهنية والأخلاقية في ثقافة ومهنة صناعة المحتوى، عملت بشكل بطيء على تحديد مستوى الذائقة الفنية لـ الجماهير المحلية ومتابعي ومستخدمي منصات وتطبيقات التواصل الإجتماعي، الأمر الذي كان له الدور الأكبر في اتساع رقعة الفساد الإجتماعي والسلوكي لديهم، وباتت مخرجات المجتمع لا تنتمي لـ المعايير الاخلاقية والأدبية والقانونية والمهنية.

الأمر الذي يستوجب على الجهات الرقابية خاصة هيئة الإعلام وهيئة الاتصالات ونقابة الصحفيين وغيرها العمل على تفعيل أدواتهم الرقابية على المراكز والاكاديميات التدريبية الخاصة بـ صناعة المحتوى، اضافة الى تفعيل أدواتهم على مخرجات المشاهير والنشطاء عبر تطبيقات ومنصات التواصل الإجتماعي، خاصة أن هذه المنصات كشفت لنا وعرت الكثير من الشرائح الإجتماعية على حقيقتها المرّة.