نبض البلد - 
	
أحمد الضرابعة
	
يحتفي سياسيون وإعلاميون في إسرائيل بزيارة المواطن الأردني "عبد الإله معلا" إلى تل أبيب، ويُصرّون على إظهار ذلك كاختراق إسرائيلي لأهم بنية اجتماعية في الأردن، ألا وهي القبيلة. الأردنيون، بصرف النظر عن خلفياتهم الاجتماعية يتخذون موقفاً وطنياً واحداً لا يقبل القسمة عندما يتعلق الأمر بالكيان الإسرائيلي، فرغم توقيع معاهدة وادي عربة بين الجانبين الأردني والإسرائيلي عام 1994، إلا أن نطاق تنفيذها ظل محصوراً على المستوى الرسمي، وما تزال أهميتها تتراجع بالنسبة للحكومة الأردنية، فوزير الخارجية أيمن الصفدي قال عنها قبل عامين: "إنها وثيقة يعلوها الغبار أُلقيت على رف في مستودع ما". كما أن الشخص المذكور رُفع الغطاء الاجتماعي عنه منذ سنوات طويلة، ولم يعد يمكنه التحدث باسم المكون الاجتماعي الذي ينتمي إليه، ولعل البيانات التي أصدرها الأردنيون الذين تربطهم به أواصر الدم أعادت تأكيد المؤكد، وهو أن القوى الشعبية لا تتسامح مع أي شذوذ عن موقفها الوطني تجاه القضية الفلسطينية، خصوصاً في هذه المرحلة التي تتطلب قطع الطريق على أي جهة تعمل على تقسيم الموقف الأردني وخلق مزاج متصالح مع إسرائيل التي تواصل حكومتها المتطرفة تهديد الأردن.
	
والآن لنأتِ على تحديد من هو الطرف المخترق، إن كان هو الأردن أم إسرائيل. هذه الأخيرة التي تحاول أسطرة نفوذها الاستخباري تعرّضت للعديد من الاختراقات رغم مصروفاتها الكبيرة على أجهزة الأمن والدفاع، فعلى سبيل المثال ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الأسلحة التي استخدمتها حركة حماس في عملية "طوفان الأقصى" كانت قد استولت عليها من قواعد عسكرية إسرائيلية. في موازاة ذلك، تحدثت العديد من التقارير المنشورة في صحف عربية وأجنبية أن دولة عربية جندت سياسيين إسرائيليين للقيام بحملة لتحسين صورتها داخل إسرائيل. كما أن هناك شخصيات وأحزاب إسرائيلية تراهن عليها دول عديدة وتنسق معها للتأثير في المعادلة السياسية الداخلية في إسرائيل.
	
هناك فرق كبير بين الصورة التي تروجها إسرائيل لنفسها، وبين الحقائق الفاضحة، فمهما عملت لتبدو دولة يقِظةً من الناحية الأمنية وعصيّة على الاختراق، إلا أن اختراقاتها من قبل العديد من الفواعل على الساحة الفلسطينية والإقليمية مكشوفة وموثقة. وهذه الأمثلة التي ذكرناها ينطبق عليها التعريف الفعلي لمعنى "الاختراق، ولا يمكن مقارنتها مع زيارة الأردني المذكور إلى تل أبيب، والتي صدر على إثرها عشرات البيانات التي أظهرت فطنة الأردنيين ووعيهم السياسي المتقدم .