لبنان بين السيادة والذوبان: قراءة في التحذير الأميركي

نبض البلد -

أحمد الضرابعة

يقول المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية توماس باراك إن لبنان قد يصبح تابعًا لبلاد الشام ما لم يتحرك بسرعة كبيرة لمعالجة قضية مخزونات أسلحة حزب الله، وأن الولايات المتحدة الأميركية والسعودية وقطر مستعدة لدعم لبنان إذا بادر بالتحرك.

يفتح هذا التحذير الأميركي الباب على مصراعيه لإعادة رسم خرائط الجغرافيا السياسية للمنطقة بعد أن نجحت إسرائيل في إعادة تشكيل ميزان القوى الإقليمي، فهو يشكل إشارة ضمنية إلى احتمالية إنهاء مرحلة السيادة الوطنية في لبنان تمهيدًا لبدء ترتيبات جديدة تُدار فيها المنطقة وفق خرائط نفوذ مرنة تتجاوز الحدود السياسية لصالح ترتيبات اقتصادية وأمنية عابرة للدول، وهذا يثير الحماس لدى العديد من الأطراف التي تعتقد أن ظروف المرحلة الإقليمية الراهنة تشكل رافعة لمشاريعها السياسية.

هذا التحذير الأميركي بضم لبنان إلى بلاد الشام يتزامن مع نشر تسريبات إعلامية حول موافقة سورية على التطبيع مع إسرائيل مقابل شروط من بينها تسليم أراضٍ لبنانية إليها، وهذا ينسجم مع التصورات التاريخية لدى السوريين حول الفضاء الجغرافي لبلادهم، وهذا يثير مخاوف الشعب اللبناني على هويته الوطنية وحقه في تقرير مصيره، حيث يدرك الأميركيون حساسية ذلك، ويستخدمونها كأداة ضغط على الدولة اللبنانية لتسريع جهودها في نزع سلاح حزب الله ومعايرة الواقع السياسي في لبنان على النحو الذي يضمن استدامة عجز القوى المدعومة من إيران عن التأثير في السياسة اللبنانية .

أخيرًا، تقف لبنان على مفترق طرق، ورغم الدعم الإقليمي والدولي لسيادة الدولة، إلا أن تراخيها في تكييف الوضع الداخلي مع الواقع الجديد في المنطقة يهدد بتحويلها من دولة ذات سيادة إلى ملحق جغرافي يدار من الخارج، ويفسح المجال أمام القوى الإقليمية لإعادة صوغ دور لبنان وفقًا لمصالحها، لا وفقًا لإرادة شعبه