المجلس النيابي العشرين: نتائج اختبار الدورة العادية

نبض البلد -

أحمد الضرابعة

مع فض الدورة العادية لمجلس الأمة، تبرز الحاجة إلى مراجعة الأداء النيابي وتقييمه خلال الفترة الماضية والذي لم يختلف كثيرًا عن النسخ السابقة منه، حيث لم تُلمس تغييرات جوهرية في آليات العمل البرلماني أو طبيعة التفاعل مع القضايا الوطنية ورغم بعض المحاولات لتحسين الأداء عبر مقترحات تشريعية ومسائلات رقابية فإن النمط التقليدي ظل مهيمنًا مع استمرار التركيز على القضايا الجدلية أكثر من الملفات الأساسية. ولم يُسفر نجاح الأحزاب السياسية بالاستحواذ على أكثر من ثلثي مقاعد مجلس النواب عن تطوير نموذج نيابي متزن يُستدلُّ من خلاله على وجود ثقافة حزبية حقيقية يمكن من خلالها تطوير مبادئ وقيم العمل البرلماني.

رغم أن الأداء المطلوب منه في دورته العادية لم يتحقق تمامًا، ما زال مجلس النواب يملك الفرصة لإحداث نقلة نوعية في العمل البرلماني تحت القبة، خصوصًا أن معظم أعضاءه ينتمون لأحزاب سياسية، قديمة وجديدة، ويُفترض أن لكل منها مدرسته الخاصة لتثقيف منتسبيه وتأهيلهم فكريًا وإكسابهم المهارات اللازمة للعمل السياسي، بحيث يتمكن كل ممثل له في مجلس النواب من فهم أعمق للقضايا الوطنية والاقتصادية ويكون قادرًا على تأدية وظيفيتيه التشريعية والرقابية على أسس علمية ودراية تامة، بما يؤدي لتحويل الجلسات النيابية إلى ساحة للنقاشات المثمرة.

سبق وقلت إن المجلس النيابي العشرين بحكم أن المرحلة الأولى لمشروع التحديث السياسي قد بدأت بالفعل منذ انتخابه، وتمثيل أعضاءه لمختلف ألوان الطيف السياسي، يحمل على عاتقه مسؤولية تقديم نموذج جديد في العمل البرلماني، يخلو من كافة الممارسات الخاطئة والمشوّهة التي وُجدت في مجالس نيابية سابقة، والتي كان من أسباب وجودها عدم ارتباط النواب بالمرجعيات الحزبية، وهي التي يتم إكسابهم من خلالها قواعد العمل السياسي والبرلماني، إلى جانب أسباب أخرى لا تقل أهمية عن ذلك، أدت لتراجع ثقة المواطنين في المجالس النيابية إلى ما نسبته 17%، كما دل استطلاعٌ أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية عام 2022.


في ظل هذه المعطيات تبقى الحاجة ملحة لإحداث تغيير جذري في الممارسة البرلمانية بما يرسخ ثقافة الأداء السياسي المسؤول ويرفع مستوى التفاعل النيابي الناضج مع القضايا المختلفة. فالمجلس النيابي الحالي ما زال أمام فرصة تاريخية لإثبات قدرته على زيادة الثقة الشعبية بالمؤسسة التشريعية عبر تطوير أدوات عمله، والانخراط الجاد في معالجة التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد.