خواطر في عيد الحب

نبض البلد -
بقلم / سارة السهيل
يحتفل العالم شرقا وغربا بعيد الحب، وهو مناسبة يتبادل فيها الاحبة مشاعر الحب كما يتبادلون الهدايا من الشوكولاته والبالونات الحمراء والقلوب. انه يوم يحاول فيه انسان هذا العصر الخروج من ماديات الحياة وروتينها اليومي من مسئوليات واعمال الى عطلة تعمل فيها المشاعر فقط وتحيا بعد موات.
قد يكون هذا مناسبا جدا لمن لا يجد وقتا للراحة او اعطاء نفسه فرصة لاعمال قلبه والنظر فيه الى ما يحتاجه ربما من سلام داخلي وطمأنينية ومشاعر عاطفية تغذي قلبه وروحه لينعم بالانسانية عبر مشاركة الاخرين مشاعر الحب.
للأسف فان الكثيريين يحولون عيد الحب الى مظاهر مادية بعيدة عن المشاعر الحقيقية من صدق و إخلاص و تضحيات و عطاء حقيقي فالهدايا الغالية للمحبوب او الزوج، او الدعوة الى عشاء فاخر او السهرة حتى الصباح في مكان ما ليس الهدف الوحيد من عيد الحب ان لم يكن العهد الذي هو اسمى و ابقى هو عربون الحب في هذا اليوم و كل يوم .
فالحب أثمن وأغلى ما وهبه الله تعالى في قلوبنا، ولا يجب ان نختصره في مظاهر مادية او حتى نختصره في يوم واحد لأن الله نفسه محبة دائمة، كما اننا كلما اشتدت علينا نوائب الدهر احتجنا الى المزيد من الحب لنقوي به ونصبر على ابتلاءات الحياة.
فالحب ليس مجرد عاصفة تمر بحياتنا تهز كياننا لبعض الوقت او نشبع من خلال عواطفها المتأججة بعض المشاعر الوقتية، بل هو طوق نجاة لنا في كل وقت، الحب الأسمى والارقى والأبقى والاخلد، هو الحب الصادق المبني على مشاعر نقيه نظيفة تحمل بداخلها براءة و سمو بعيدة عن الماديات و المصالح و المطامع بعيدة عن حب المظهر او الشكل او الجسد هو الوفاء بقصد و بدون قصد هو العطاء من القلب و الروح ولذلك هنام حب خلد في الذاكرة الانسانية و هناك حب ذهب مع الريح لان الحب الحقيقي هو الحب الذي لا يأتي بهذه حب الحب الذي يأتي عن قناعه عن تفاهم عن توافق عّن تكافؤ عن حب ارواح و قلوب و عقول عن اندماج شخصين بقلب واحد و روح واحده و طموحات واحدة و مسيرة حياة مشتركة بانسياب و توافق و تكامل
لا يمكن ان يكون الا مرة واحدة يأتي في اَي وقت يدق الأبواب دون استئذان

الحب طوق النجاة
في اوطاننا العربية عمت الحرب والشحناء ارجاء كثيرة منه، فلم يجد الانسان العربي ويكابد الحرب والدماء الا طوق الحب ليكون ملاذا وحيدا لتجاوز ويلات هذه الحروب. وهنا تنجلي قدرة الخالق العظيم في منحه نعمة الحب ليجلي ظلمات أيامه ويحقق له الحنان والأمان فيبدو متماسكا امام الأهوال والصعاب قادرا على التحدي.
فكلما اشتدت أتون الحرب اشتدت في المقابل الحاجة الضرورية للحب كحاجة الانسان للماء والهواء، فالحب نعمة من الله تدخله في واحة العطف والود فيداوي جروحه ببلسم الروح المشرقة بجواره تشد من عضده وتقوي عزيمته، ويولد بداخله كل اشراقات الامل المورقة بالورود والفل والياسمين.
وسيبقي الحب يسري في الأرواح مختزلا حواجز المكان والزمان والظروف والأوضاع والدمار، كما نسمة حانية تهل على اغصان الأشجار الظامئة في نهار قيظ الصيف ، فتحنو عليها وتلفها وتراقصها رقصة عاشق بمعشوق فيذوبان معا في لحظة أبدية هي أولا وأخيرا من صنع الله الطيف بعباده.
قد يفترق في الحرب حبيبان كل منهما صار ببلد أخر، لكنهما لم يفترقا بالروح ويظلان متمسكين بأهداب الحب في قلوبهما ويبادلان بعضها المشاعر عبر الرسائل الخطية او الرسائل الاليكترونية.
 
الحب مقاومة
يقاوم الانسان الحرب بالحب، فوسط موجات التقاتل في بلادنا العربية، لم تجد الشعوب سوى التعايش على قصص الحب، فتنتشر مراسم حفل الزواج هنا وهناك وسط احتمالات ان تصيب كل الحضور رصاصات الغدر القاتلة او قذيفة، ولكن تبقي هذه الحفلات رمزا لصمود الانسان واقتتاله بالحب في مواجهة الموت والحرب.
ومع انتشار موجات الغضب والظلم والكراهية في العالم، فلا يمك قهر ذلك كله الا بالحب كما قال المهاتما غاندي. وكما قال افلاكون: " في لمسة الحب الجميع يصبح من الشعراء" الحب هو النعمة، كما يقول هنري جورج بيتشر : " نعمة الله هو الزيت الذي يملأ مصباح الحب.
الحب هو الجوهرة الثمينة في حياتنا التي يجب ان نحافظ عليها حفاظنا على حياتنا، وكما قال ألفريد تنيسون الرب : " الحب هو الذهب الحقيقي ".

سارة السهيل