نبض البلد -
أحمد الضرابعة
في وسع المتابعين للزخم السياسي في المنطقة خلال الأيام الأخيرة ملاحظة الدوافع الشخصية لدى الرئيس الأميركي ترمب لتحريك المياه الراكدة في قطاع غزة، فعند تحليل خطاباته السياسية حول هذا الملف سواء في البيت الأبيض أو في زيارته الأخيرة للكنيست الإسرائيلي وفي قمة السلام التي عُقدت في مدينة شرم الشيخ يمكن الاستنتاج بأن هناك نقاط أساسية يحافظ على تضمينها في كل خطاب سياسي له، من بينها، وضع حرب غزة في قائمة الحروب التي ساهم في وقفها، فهو يستثمر جهوده في هذا السياق لبناء صورة عالمية مفيدة بالنسبة له على المستوى الداخلي والخارجي معاً، وهي الظهور كصانع سلام يمكنه أن يضع حداً للصراعات التاريخية التي لا تتوقف، كالصراع الفلسطيني - الإسرائيلي الذي لا يتردد في العودة إلى جذوره التاريخية العميقة، وإظهار خطته لوقف الحرب في غزة كفصل أخير لهذا الصراع المعقد،
"استغرق الأمر ثلاثة آلاف عام للوصول إلى هذه اللحظة، هل تتخيلون؟".
هذا ما قاله الرئيس الأميركي عن خطته لوقف الحرب في غزة، معتقداً أن الصراع ذو الأبعاد الدينية والسياسية والتاريخية في فلسطين سينتهي بالفعل لأن حرب غزة توقفت، لكن ما يجب تذكيره به أن هذا الصراع المعقد يتجاوز حدود غزة وآلية حكمها، ومستقبل حركة حماس، لأن هذه تفاصيل جانبية إذا كانت القضية الفلسطينية هي الجوهر الحقيقي للصراع.
نقطة أخرى تفرض حضورها باستمرار في خطابات الرئيس الأميركي ترمب حول مستقبل غزة والمنطقة، وهي النظرة التفاؤلية التي يحرص على ترسيخها رغم تعقيدات الواقع. هذا التفاؤل السياسي الذي يُصر على ترويجه بعد قبول خطته لإنهاء حرب غزة لا ينسجم مع الواقع المعاش في المنطقة، ويبدو أنه دعاية سياسية ترافق جهوده غير المنصفة للقضية الفلسطينية، خصوصاً مع الرفض الإسرائيلي والتجاهل الأميركي لحل الدولتين، ولذلك فإن هذا التفاؤل الأميركي بمستقبل المنطقة لا يستقيم مع هذه المعطيات
مما لا شك به أن هناك عوامل أساسية جعلت اتفاق غزة يتحقق في هذا الوقت بالتحديد، لكن هناك دوافع وطموحات شخصية للرئيس الأميركي ترمب حركته لإنجاز هذا الاتفاق، من بينها الحصول على ورقة سياسية لإثبات تأثيره في الشرق الأوسط، وصناعة إرثه السياسي، وتقديم صورته كصانع سلام عالمي، ولا تخفى رغبته في محاكاة دور الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون كارتر الذي ارتبط اسمه باتفاقية أوسلو التي جمعت رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ياسر عرفات برئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين