تعزيز مهارات القراءة من خلال التقييم الصفي

نبض البلد -

د. خالد العاص

تُعَدُّ القدرة على القراءة بفهم من أهم المهارات الأساسية التي يمكن للطالب اكتسابها في المدرسة، فهي مفتاح التعلم الأكاديمي، وتعزز فرص التعلم مدى الحياة، ومع ذلك، يواجه ملايين الطلاب في العالم، بما في ذلك الأردن، تحديات كبيرة في إتقان مهارات القراءة الأساسية، مما يحد من إمكاناتهم التعليمية.

وقبل أن يتمكن الطلاب من القراءة للتعلم، يجب عليهم أولاً تعلم القراءة نفسها، وهو ما يجعل الصفوف الدراسية الأولى مرحلة حاسمة في بناء مهارات القراءة الأساسية، وهنا يأتي دور التقييم الصفي كأداة فعالة للمعلمين لمتابعة تقدم الطلاب، وتحديد من يحتاج إلى دعم إضافي، وتكييف استراتيجيات التدريس لتلبية الفروق الفردية، على عكس الاختبارات الموحدة واسعة النطاق، يتيح التقييم الصفي تقديم ملاحظات فورية وتفاعلية، مما يجعله أكثر ارتباطًا بالعملية التعليمية اليومية.

ويولي الأردن اهتمامًا متزايدًا بتطوير أساليب التقييم في التعليم، حيث بدأت وزارة التربية والتعليم بتعزيز مفهوم "التقييم من أجل التعلم" كجزء من خططها الإصلاحية، ويشمل ذلك تدريب المعلمين على استخدام التقييم الصفي لتحسين مستوى القراءة لدى الطلبة، واعتماد أدوات تشخيصية لتحديد الصعوبات القرائية ومعالجتها مبكرًا.

في هذا السياق، طبقت الأردن برامج وطنية مثل "تجويد التعليم في الصفوف المبكرة"، الذي يهدف إلى تحسين مهارات القراءة والكتابة من خلال أدوات تقييمية متكاملة، كما استفادت من مبادرات دولية مثل دراسة التوجهات الدولية في القراءة (PIRLS) التي ساعدت في تحليل نقاط القوة والضعف في مستويات القراءة لدى الطلاب الأردنيين.

ولضمان فعالية التقييم الصفي في دعم تعلم القراءة، يمكن تبني عدد من السياسات والإجراءات، ومنها دمج التدريب على التقييم في برامج إعداد المعلمين من خلال توفير دورات تدريبية متخصصة للمعلمين حول كيفية تصميم التقييمات الصفية واستخدام نتائجها بفعالية في التدريس.

وكذلك توفير أدوات تقييم سهلة الاستخدام من خلال تزويد المعلمين بإرشادات واضحة وأدوات قياس بسيطة تساعدهم في تنفيذ التقييمات بشكل فعال. وتعزيز ثقافة التقييم من أجل التعلم من خلال تشجيع المعلمين على اعتبار التقييم أداة للتطوير وليس مجرد أداة قياس، مما يساعد في تحسين طرق التدريس وتعزيز مشاركة الطلاب. ومواءمة التقييم مع المناهج الدراسية من خلال التأكد من أن أدوات التقييم تتوافق مع أهداف القراءة في المناهج الوطنية، لضمان تحقيق نتاجات تعلم واضحة.

وتُظهر التجارب العالمية أن التقييم الصفي يمكن أن يكون أداة قوية في تحسين مخرجات التعلم، شريطة أن يُستخدم بطريقة صحيحة تدعم الطالب والمعلم معًا. في الأردن، يمكن أن يكون تعزيز هذا النهج جزءًا أساسيًا من جهود تطوير التعليم، بما يضمن بناء جيل قادر على القراءة بوعي، والتعلم بفعالية، والمساهمة في التنمية الوطنية بشكل مستدام.