‏واشنطن تطرح مشروع قرار لرفع العقوبات عن الشرع وشطب “تحرير الشام” من قوائم الإرهاب

نبض البلد -
‏في خطوة تاريخية نحو إعادة استقرار سوريا:
‏الانباط: نعمت الخورة
‏في تحرك يُنظر إليه على نطاق واسع كإشارة تحول كبرى في الملف السوري، تقدّمت الولايات المتحدة الأميركية بمشروع قرار رسمي إلى مجلس الأمن الدولي يقضي برفع العقوبات المفروضة على الرئيس السوري أحمد الشرع، وشطب "هيئة تحرير الشام” من قوائم الإرهاب، وذلك في إطار استراتيجية دولية جديدة تهدف إلى إنهاء العزلة عن سوريا، وتشجيع مسار سياسي قائم على الاستقرار والانفتاح.
‏وأكد دبلوماسيون أميركيون رفيعو المستوى أن مشروع القرار يأتي في سياق رؤية أوسع تتبنّاها واشنطن منذ مطلع هذا العام، قوامها الانتقال من سياسة العقوبات والعزل إلى سياسة الحوافز والانخراط المنضبط، وتشجيع التحولات الداخلية الإيجابية التي بدأت تظهر في سوريا منذ تسلّم الشرع مقاليد السلطة.
‏السعودية في قلب الحراك الدولي
‏وجاءت هذه المبادرة بدفع مباشر من المملكة العربية السعودية، التي قادت تحركًا دبلوماسيًا منسقًا منذ شهور بين واشنطن وموسكو والعواصم العربية، في محاولة لتأمين توافق دولي حول صيغة جديدة للتعامل مع دمشق. ووفقًا لمصادر أممية، فإن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان كان صاحب الدور المحوري في تقريب وجهات النظر، مستندًا إلى رؤية ترى في سوريا شريكًا محوريًا في استقرار المشرق العربي، لا سيما في ظل المتغيرات الجيوسياسية المتسارعة.
‏السعودية عملت على بلورة موقف عربي موحد يدعم استعادة سوريا لمكانتها الإقليمية، شرط التزام دمشق بالحل السياسي، واحترام التعددية، والانفتاح على محيطها العربي.
‏ردّ دمشق: ترحيب مشروط وموقف محسوب
‏في أول رد رسمي، رحّبت الحكومة السورية بالمبادرة الأميركية–السعودية، ووصفتها بأنها "خطوة إيجابية تستجيب لتطلعات الشعب السوري بإنهاء العقوبات الخارجية، والانفتاح على شراكات متوازنة”. وأكدت وزارة الخارجية السورية في بيان رسمي أن دمشق "تتعامل بإيجابية مع كل جهد دولي صادق يسهم في رفع المعاناة عن السوريين، ويعزز السيادة الوطنية”.
‏الرئيس أحمد الشرع، الذي رسّخ منذ انتخابه خطابًا تصالحيًا، أشار في لقاء متلفز إلى أن رفع العقوبات "أمر ضروري لكنه ليس كافيًا”، مؤكدًا أن المرحلة المقبلة تتطلب "دعمًا سياسيًا واقتصاديًا لإعادة بناء الدولة، واستعادة وحدة المجتمع السوري، وضمان الأمن الإقليمي”.
‏إشادة عربية وأوروبية: بداية عهد جديد
‏رحّبت عدة عواصم عربية، بينها الرياض وأبو ظبي والقاهرة، بالمشروع الأميركي، واعتبرته "نافذة عملية لعودة سوريا إلى دورها العربي”، فيما عبّرت باريس وبرلين عن دعم مشروط، داعيتين إلى "ضمانات قانونية واضحة حول تصنيف الكيانات المسلحة”. من جهتها، أعلنت موسكو أنها "منفتحة على مناقشة المشروع بما يحفظ السيادة السورية ويخدم الاستقرار في المنطقة”.
‏تحليل موقف: سوريا بين نافذة الفرص وموازين الإقليم
‏تشكّل هذه المبادرة منعطفًا استراتيجيًا في بنية الصراع السوري، وتفتح الباب أمام نقل الملف من مرحلة التأزيم إلى مرحلة إعادة التوازن السياسي. إذ تشير الدلالات إلى أن الولايات المتحدة تسعى، بدعم سعودي، إلى تقليص الدور الإيراني في سوريا بشكل غير مباشر، عبر تمكين مؤسسات الدولة الشرعية وتوسيع قاعدة الشركاء السياسيين داخل البلاد، بما في ذلك الفاعلون المحليون الذين نبذوا العنف.
‏من جانب آخر، تترافق هذه التحركات مع نقاشات سرّية يقودها طرف ثالث بين دمشق وتل أبيب، عبر وسطاء غربيين، بهدف ضمان حدود مستقرة في الجولان، وإنهاء أي وجود لخلايا إيرانية جنوب سوريا، في سياق أوسع قد يُفضي إلى تفاهمات أمنية شبيهة باتفاقات التطبيع السابقة، دون أن يتم الإعلان عنها في المدى القريب.