نتيجة الضغوط المتزايدة وعدم رقابة الأهل.. الإكتئاب يطارد أطفالنا

نبض البلد -
عبيدات يطالب بتشكيل مجلس عائلي لمناقشة قضايا الأبناء


*تحدي جديد يواجه النظام التعليمي ويؤثر على التحصيل العلمي للطلبة

*البطوش: إقامة ورش عمل للمعلمين وأولياء الأمور لتعريفهم بـ علامات الاكتئاب

*الدهون : الطريق للشفاء يبدأ بزيارة المرشد النفسي في المدرسة

الأنباط – شذى حتاملة
اصبحنا نشهد في السنوات الاخيرة زيادة ملحوظة في انتشار حالات الاكتئاب بين الاطفال والمراهقين لم نكن نسمعه من قبل ، وهذه يعد تحديا يواجه النظام التعليمي ، إذ يعاني العديد من الاطفال من ضغوط نفسية واجتماعية توثر على صحتهم النفسية والعقلية وبالتالي تدفعهم لارتكاب سلوكيات وممارسات سيئة .
وتشير العديد من الإحصاءات إلى أن عددا كبيرا من الأطفال والمراهقين يعانون من حالات الاكتئاب والقلق ، ما يوثر سلبا على تحصيلهم العلمي وعلى نمط حياتهم ، وقد يكون تزايد و انتشار حالات الاكتئاب مرتبطا باستخدام الأطفال والمراهقين لمواقع التواصل الاجتماعي دون رقابة من قبل الأهل اضافة إلى المشاكل العائلية ، لذا يقع على عاتق الأهل والمؤسسات التعليمية دور كبير في الحد من هذه الظاهرة من خلال اتخاذ الإجراءات اللازمة لتوفير بيئة آمنة للطلبة للتعامل مع الضغوط بطريقة صحيحة .
وبحسب دراسة وطنية لحالة الصحة النفسية لدى الأطفال والمراهقين في الأردن، أن 16.6 % من الأطفال في الأردن و23 % من المراهقين يعانون من أعراض الاكتئاب الحاد، فيما أن 24.5 % من الأطفال و27.5 % من المراهقين يعانون من أعراض القلق المرضي .

وبيّنت الدراسة التي شملت أطفالا ومراهقين أردنيين ولاجئين أن 17.9 % من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و11 عاما (أردنيين وغير أردنيين) يواجهون مشاكل عاطفية وسلوكية، و14.1 % من المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و18 عاما لديهم ذات المشكلة .
ووفقا للدراسة التي نفذت بالتعاون بين وزارتي الصحة والتربية والتعليم ووكالة الأونروا ووكالة جايكا وشبكة الشرق الأوسطية للصحة المجتمعية 19.7 % من المراهقين الأردنيين يعانون من الاكتئاب، و25.8 % من المراهقين الأردنيين يعانون من القلق .
الخبير التربوي الدكتور ذوقان عبيدات ، قال باعتقاده أن هناك عوامل خارجية وعوامل داخلية تساهم في زيادة حالات الاكتئاب بين الاطفال والمراهقين في المدارس ، حيث تشمل العوامل الخارجية الوضع العام في البلد والاخبار التي يتم تداولها من قبل الاعلام والأهل والتي تؤدي إلى اصابتهم بالاكتئاب ، مضيفا أن هناك اسباب مدرسية تؤثر على الطلبة وتسبب لهم الاحباط مثل قسوة الحياة المدرسية كـ القوانين المدرسية وتهديدات المعلمين والعقوبات ، إضافة إلى ضغوطات الواجبات المدرسية ،بينما تشمل العوامل الداخلية انتشار التنمر بين طلبة المدارس والاوضاع المدرسية و الاجتماعية .
واضاف في حديث خاص لـ " الانباط " أن الاهل عليها دور كبير ومسوولية في توفير بيئة اسرية آمنة ومناقشة ابنائهم والاستماع الجيد لهم ، من خلال تشكيل مجلس عائلي يجتمع فيه الأهل مع ابنائهم اسبوعيا لمناقشة المشاكل والقضايا التي يمر بها الأبناء ، إذ يطرح كل طفل مشكلته على عائلته بحيث يجد الدعم والمساعدة للمشكلات والقضايا التي يواجه الطفل ، لافتا إلى اهمية دور المدرسة في توفير الصحة النفسية الجيدة للطلبة ، من خلال السماح لهم بحرية التعبير ، إضافة إلى الدور الكبير الذي يقع على عاتق المرشد النفسي في المدرسة بعلاج حالات الاحباط لدى الطلبة .
وتابع عبيدات أن وزارة التربية والتعليم يقع على عاتقها مسؤولية اعلان حقوق الطفل في المدرسة وتوفير جو مناسب لاشباع هذه الحقوق ، ومعاقبة كل من ينتهك حقوق الطفل ، مشيرا إلى أن المراهقين يعانون من الاحباط نتيجة صعوبة فهمهم للتغيرات الجسدية التي يمرون بها، وعدم تقبلهم لنموهم السريع .
وبدورها بينت الإستشارية النفسية والأسرية والتربوية حنين البطوش خصائية  ، أن هناك عدة عوامل ادت إلى ازدياد نسبة ارتفاع الاكتئاب عند المراهقين والاطفال ، لافتة إلى أن النسبة حقيقة مقلقة وخطيرة وعلينا التنويه والتحذير من الاسباب التي ادت الى ارتفاع هذه النسب ، ومنها العوامل البيولوجية إذ تعلب الجينات دورًا هامًا في الاستعداد للاكتئاب ، كما أن التغيرات الهرمونية خلال مرحلة المراهقة قد تؤثر على الحالة المزاجية ، إضافة إلى العوامل النفسية حيث تعد الصدمات النفسية مثل التّنمر أو الإساءة أو فقدان أحد أفراد الأسرة من أهمّ أسباب الاكتئاب، بالإضافة إلى اضطرابات نفسية أخرى مثل اضطرابات القلق أو اضطرابات الأكل والنوم .
واكملت حديثها أن هناك عوامل اخرى تلعب دور في ازدياد حالات الاكتئاب وهي العوامل الاجتماعية إذ تُشكل ضغوطات الدراسة والمنافسة الأكاديمية، إلى جانب التّنمر عبر الإنترنت واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مفرط ، عبئًا كبيرًا على كاهل الأطفال والمراهقين، ممّا قد يُؤدّي إلى الاكتئاب ، مضيفة إلى أن العوامل البيئية حيث يُؤثّر الفقر والإهمال وسوء التغذية على صحّة الدماغ والنفس، ممّا يُزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب .
وذكرت البطوش أن ضغوطات الدراسة وكثرة المهام الدراسية والمنافسة المُحرقة في تحصيل النتائج الأكاديمية تؤدي إلى تراكم الضغوطات على الطالب مما قد يؤدي إلى الاكتئاب ، مشيرة إلى أن التنمر والابتزاز عبر الإنترنت خطرًا كبيرًا على الصحة العقلية للأطفال والمراهقين، ممّا يسبب لهم مشاعر القلق والاكتئاب ، إضافة إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تشكل سبب رئيسي وعلينا التحذير منه ،فالإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يؤدي إلى الشعور بالوحدة والعزلة ومقارنة النفس بالآخرين بشكلٍ سلبي، مما يؤثر سلبًا على الصحة النفسية ويزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب .
‎وتابعت أن العوامل البيئية تعيق نموهم كـ الفقر حيث يؤدي الفقر إلى الإجهاد والقلق مما يؤثر على استقرار الحالة المزاجية ويزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب ، وهنا دور الأهل بتعزيز القناعة والنقبل والرضا ، مبينة أن الإهمال و نقص الرعاية والعناية يودي إلى مشاكل في التعلق والتنظيم العاطفي مما يهيئ بيئة مناسبة لنمو الاكتئاب ، غير ذلك سوء التغذية يؤثر على صحة الدماغ مما يؤدي إلى الاكتئاب .
واكدت البطوش إن مستقبل أجيالنا مرهون بصحتنا النفسية ، ومحاربة الاكتئاب بين الأطفال والمراهقين مسؤولية تقع على عاتق الجميع، تتطلب تضافر الجهود من العائلات والمجتمعات والحكومات ، لافتة إلى أن للمدارس دور كبير في مساعدة الطلاب المصابين بالاكتئاب من خلال توفير بيئة مدرسية داعمة وآمنة تجعل الطلاب يشعرون بالأمان والاحترام، بعيدًا عن التّنمر والضغوطات ، وتدريب المعلمين على التعرف على علامات الاكتئاب حيث يتلقى المعلمين تدريب متخصص لتحديد علامات الاكتئاب لدى الطلاب، مثل الانسحاب الاجتماعي، والتغيرات في الأداء الأكاديمي، والسلوكيات المقلقة ، وتوفير خدمات الإرشاد النفسي ، وإضافة إلى تعاون المدارس مع العائلات لتحديد احتياجات الطلاب المُصابين بالاكتئاب .
ودعت البطوش إلى ضرورة تنظيم برامج توعية موجهة للأهالي والمعلمين لشرح أعراض الاكتئاب وطرق الوقاية منه وكيفية التعامل ، والاستفادة من وسائل الاعلام لنشر المعلومات موثوقة حول الاكتئاب والتوعية به ، مضيفة إلى ضرورة توفير قنوات تواصل مباشرة بين الأهالي والمعلمين لمناقشة أي مخاوف بشأن صحة الطلاب النفسية ، وتشجيع الحوار المفتوح ما بين الاهالي والمعلمين والطلبة لخلق بيئة داعمة ، غير ذلك إقامة ورش عمل وتدريبات للمعلمين وأولياء الأمور لتعليمهم كيفية التعرف على علامات الاكتئاب ، وتوزيع مواد إعلامية حول الاكتئاب على أولياء الأمور والمعلمين والطلاب .
وفي السياق ذاته اكد المرشد النفسي والتربوي محمد عيد الدهون، ان هناك عدة عوامل تسهم في زيادة حالات الاكتئاب بين طلاب المدارس ومن أهمها الضغوط الدراسية ، والاختبارات المستمرة ،و التحديات الاجتماعية، وعدم الاندماج مع الاقران وعدم التوازن بين الحياة الشخصية والدراسية ،اضافة إلى للتوتر النفسي والقلق الزائد بسبب التوقعات العالية من الاهل و قلة النوم وسوء التغذية وعدم ممارسة الرياضة والتعرض للضغوط العائلية أو المشاكل الأسرية ، لافتا إلى أن هناك امر قد طرئ حديثا وهو الادمان على الانترنت فهو احد بوابات الاكتئاب .
وبين الدهون أن هذه بعض العوامل المحتملة ولكن يجب التذكير أن الاكتئاب امر شخصي ومعقد فاذا كان الطفل يشعر بالاكتئاب أو يلاحظ أعراضًا لديه من الأفضل أن التحدث مع المرشد النفسي في مدرسته او الى متخصص في الصحة النفسية للحصول على الدعم المناسب .
وتابع حديثه أن يمكن للأهل اتباع بعض الإجراءات لمساعده الطفل المصاب بالاكتئاب من خلال التفهم وتشجيع الطفل والاستماع له و إلى مشاعره ، ومحاولة توفير بيئة داعمة ومحببة في المنزل، اضافة إلى تشجيع الطفل على ممارسة الرياضة وتناول الغذاء الصحي ، غير ذلك تحفيز المشاركة في الأنشطة التي يستمتع بها الطفل وتعزيز التواصل الاجتماعي، وتقديم الدعم المهني مثل طلب المساعدة من طبيب نفسي أو مرشد نفسي .

وأوضح الدهون أن هذه الإجراءات عامة ولكن يجب أن يكون الأهل حساسين لاحتياجات الطفل واخذ الاستشارة من متخصصين للحصول على الدعم المناسب، موكدا أن لا ننسى أن المدرسة لها الدور الداعم للطالب الذي يعاني من الاكتئاب فيمكن للمعلمين اتباع بعض الإجراءات المفيدة في التعامل مع الطالب الذي يعاني من الاكتئاب مثل أن يكون المعلم متفهمًا ومشجعا للطالب وأن يستمع إلى مشاعره ، وأن يقدم الدعم العاطفي والمعنوي له وأن يحاول توفير بيئة آمنة ومحفزة في الصف ، اضافة الى التعاون بين المعلم والاهل المرشد النفسي لتوفير الدعم اللازم للطالب ومحاولة تنظيم الواجبات المدرسية والاختبارات بطريقة مرنة ومنصفة تراعي الفروق الفردية ، وتوفير فرص للتواصل والتعبير عن المشاعر مثل المناقشة والحوار ضمن مجموعات والكتابة الابداعية .
وذكر الدهون أن لا ننسى الحلقة الاهم في الموضوع وهو الطالب نفسه إذا كان الطالب يعاني من الاكتئاب أو يشعر بالقلق بشأن وضعه النفسي فهناك بعض النصائح ومنها التحدث مع شخص موثوق به مثل المرشد النفسي والتربوي في المدرسة أو أحد أفراد الاسرة ، والمشاركة في الأنشطة التي تستمتع بها وممارسة الهوايات ، مضيفا إلى ضرورة الاهتمام بالصحة الجسدية وذلك من خلال اخذ ساعات من النوم الجيد والتغذية المتوازنة وممارسة التمارين الرياضية، وتعلم تقنيات التنفس والاسترخاء للتحكم في القلق والتوتر .