النساء في الإسلام

نبض البلد - إبراهيم أبو حويله .


تقف مع قصة عجيبة في لحظة تؤمن بها تماما بأنه عندما تكون الرغبة قوية والشغف كبيرا يصبح الصعب سهلا .

عندما بدأ الدكتور محمد أكرم الندوي عمله في جامعة أكسفورد ، وبعد متابعته للمقالات المنشورة عن المرأة في الإسلام في الصحف البريطانية ، وجد أن هناك ظلم واضح وعدم فهم لطبيعة ودور المرأة في الإسلام .

هذا ما دفعه لبدأ تلك الرحلة التي إستمرت أعواما طويلة من أجل توضيح موقف الإسلام من المرأة ، وما شاب هذا الموقف من تصرفات فردية ليست هي الأساس في طبيعة تعامل الإسلام مع المرأة ، بل إن موقف الإسلام كان واضحا من خلال بيت النبوة والصحابيات والعالمات على مدى التاريخ الإسلامي .

فبدأ بكتابه الوفا بأسماء النسا وبدأت هذه الرحلة المنهجية لتصل إلى ثلاثة وأربعين مجلدا ، تحمل عبر تاريخ هذه الأمة أخبار نساء مثل كريمة المروزية 363 هج وقد تعلم علي يديها أبن الجوزي والذهبي وذكرها إبن كثير ، وزينب بنت الكمال المقدسية 646 هج ، وعائشة المقدسية وهي من صاحبات السند المرتفع في البخاري ، والمحدثة فاطمة بنت سعد الخير 277 هج وهي من أحيت الحديث في مصر ، وكان لها دور كبير في ذلك وغيرها ألاف.

من أول يوم ، ومنذ تلك اللحظة التي تزوج فيها رسولنا الكريم صلوات ربي عليه السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ، وهي من هي في قومها وفكرها وراجحة عقلها ، وهي مع ذلك تاجرة يشهد لها بالبنان ، وتلك اللحظة التي حرص فيها صلوات ربي عليه على تعليم السيدة عائشة رضي الله عنها ، وإن كنت أرجح شخصيا أن زوجه منها كان بهدف سام هو ما سيكون لها من دور في نقل حياة الرسول الزوجية ، ونقل الأحاديث المتصلة بهذه الحياة وغيرها من الاحداث المتصلة بحياة الرسول صل الله عليه وسلم مباشرة إلى المسلمين بعد ذلك ، فمن يتتبع حياة المصطفي يجد أن حياته كاملة كانت قائمة على نقل الرسالة وما يتعلق بالرسالة ، ولذلك كانت كل أفعاله منفعلة بهذا الأمر الرئيسي وهو تلك الدعوة التي يحملها .

هذا الرجل محمد الندوي قلب الموازين بالنسبة لهذه الجامعة أكسفورد ، واستطاع تغييير الرأي العلمي فيها وتم إستثناء الإسلام رسميا من أنه كان له دور في تخلف المرأة وتأثير سلبي على مكانتها عبر التاريخ ، وذلك بسبب هذه الدراسة المستفيضة التي توضح دور المرأة في الإسلام منذ اليوم الأول .

وأن الغرب بدءا من الفلسفة مرورا بمراحله المختلفة كان له دور كبير في هذا التخلف الذي تم تبرئة الإسلام علميا من هذه التهمة .
 
أقف إحتراما لهذا العالم الجليل الذي لم يكتفي بالغضب ولا الإنكار بشكل مجرد ، ولم ينتهج نهج الإنتقاص من الأخر وتعريته ، بل توجه مباشرة إلى ساحته الخلفية وأخرج الدليل الدامغ المسكت المدعم بكل الحجج والبراهين ، التي جعلت جامعة عريقة تقر وتعترف بما وصل إليه من نتائج .

هذا الفكر وهذه الطريقة هي التي تؤثر وتغير وتبني جيل مختلف ، وحتى تصل إلى الأخر بإحترام وتعمل على تغيير موقفه .