هل سيكون لعملة "بريكس" تأثير على الأردن ؟

نبض البلد -
عايش: الأمر صعب لكن سيكون له آثار إيجابية على الاقتصاد الاردني


المخامرة: إذا تم إنشاء عملة "بريكس" علينا الاحتفاظ بأصول أخرى

 سبأ السكر

تنوي مجموعة "بريكس" فرض سيادتها الاقتصادية امام الدولار الامريكي، وتقليل اعتماد اقتصادات العالم والدول النامية على نظام الدولار، من خلال اصدارعملة جديدة؛ لاستخدامها للتجارة عبر حدود من قبل أعضائها.
ومع وجود نوايا لعدة دول وتقدمها بطلبًا رسميًا للانضمام إلى المجموعة، والتي تمثل ربع الاقتصاد العالمي، يكمن السؤال عن الأثر المتوقع على الأردن التي ترتبط عملتها الدينار الأردني بالدولار الأمريكي.
بدوره، قال الخبير الاقتصادي حسام عايش لـ"الأنباط" أن "هذا تفاؤل كبير"، بإصدار بريكس عملة مدعومة بالذهب، والذي لا يحتاج فقط إلى التفاهمات على مستوى السياسة، وإنما اقتصاديات متماثلة متشابهة، مبينًا أن الاقتصاد الصيني يختلف عن الاقتصاد الهندي عن البرازيلي، عن الروسي، عن الجنوب الإفريقي. وبالتالي فإن مدخلات عملة موحدة تقتضي بين الأمور الأخرى إزالة العملات المحلية لهذه الدول، وإحلال العملة الجديدة محلها وهذا أمر لا يمكن للصين أن تتنازل عنه، أو الهند لصالح الصين وعلى الأقل على مستوى الدولتين الكبيرتين أسيوياً أو ضمن مجموعة البركس أو ضمن مجموعة الدول الأكثر والأكبر حجماً من حيث الاقتصاد في العالم.
وتابع، من جانب آخر لا شك أن مجموعة بريكس يعني ربما تكون الصين هي التي تمثل الحجم الأكبر فيها، يعني أكثر من أو ما يقارب ثلثي الناتج المحلي الإجمالي وأكثر لمجموعة بريكس والصين، وإصدار عملة واحدة يعني أن تكون الصين هي التي تتحمل أي مشكلات وأعباء اقتصادية في هذه الدول، مشيرًا أنه حدث ذلك في الاتحاد الأوروبية عندما تحملت ألمانيا الأعباء التي أسفرت عنها المديونية العالية والعجز في الميزان التجاري وميزان المدفوعات، وبالتالي كانت الكلفة على ألمانيا أكبر من الكلف على الدول الأخرى باعتبارها أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي في حينه.
وبين عايش، أنه ربما يكون هناك شكلاً من تبادل العملات المحلية بين الدول في تعاملات تجارية تخص هذه الدول، وهناك دول ربما تلجأ لاستخدام العملات المحلية اليوان أو الروبية الهندية أو حتى بالروبل الروسي أو عملات هذه الدول، مضيفًا أنه مع ذلك، يعني في بعض الدول الآن تتبادل تجارياً مع هذه الدول بعملات محلية سواء دول خليجية السعودية، الإمارات أو دول عالمية إيران وغيرها أو دول آسيوية، لكن ذلك يحصر التبادل التجاري بين هذه الدول. وعلاقاتها التجارية الدولية أكبر من علاقاتها فيما بينها، "إذا علمنا أن حجم التبادل التجاري الصيني مع الولايات المتحدة الأمريكية في نهاية عام 2022 بلغ حوالي 691 مليار دولار، وأن التبادل التجاري بين الصين وأوروبا أو الاتحاد الأوروبي كان حوالي 913 مليار دولار، فيما التبادل التجاري بين مثلاً روسيا والصين أقل من 200 مليار دولار ومعظمه نفط وغاز من روسيا إلى الصين، إذن نحن نتحدث عن أحجام اقتصادية متباينة تماماً بين هذه الدول مديونيات مختلفة بين هذه الدول سواء على الحكومات أو على الشركات والأسر فيها"، مشيرًا إلى أدوار عالمية مختلفة لاقتصاديات هذه الدول، وعن إقتصاد صيني يحتل المرتبة الأولى من حيث التبادل التجاري بينه وبين العالم، وبين اقتصاديات تعاني من الحصار كما في روسيا و اقتصاديات ناشئة تنافس الإقتصاد الصيني.
وأضاف أنه في الهند وإقتصاد برازيلي يعاود نشاطه بعد تغيير يعني الرئاسة في البرازيل وبين جنوب إفريقيا الحريصة على علاقاتها أيضاً مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لذلك إيجاد عملة مشتركة عملة تحل المحل العملات لدول بريكس هذا أمر فيه الكثير من الصعوبات، أو الحقيقة يحتاج إلى توحيد في الرسوم الضريبية والجمركية مستويات المديونية والعجز في الموازنات ونوعية الأداء الاقتصادي لهذه الدول والالتزامات المترتبة عليها، عدا عن إقامة بنك مركزي واحد يحكم اقتصاديات هذه الدول ليوجهها، معتقدًا أن هذه الدول لا يمكن أن تتنازل عن سيادتها في هذا الأمر، ولذلك مصطلح أن عملة بريكس تحل محل العملات الأخرى وتكون مدعومة بالذهب، ربما يكون "مبهماً وقد حاولنا إضاحة عدم توفر هذه الإمكانية"، لكن دول كثيرة تسعى لتبادل تجاري فيما بينها بعملاتها المحلية بعيداً عن الدولار.

تابع عايش، أنه من أجل أن لا تكون رهينة لما يسمى "تسليح الدولار"، أو لعقوبات أمريكية أو تتأثر بها بعد أن تحول الدولار إلى أحد الأسلحة الأمريكية المهمة و لكي تكون قادرة على تبادل سلع أو منتجات بعينها ولكن ذلك يربطها فيما بينها، وبالتالي فإن ذلك يقيد نشاطها التجاري إلا إذا كانت هذه السلع والمنتجات تحتاجها هذه الدول فيما بينها أكثر من ذلك...، هذه الدول أيضاً في تبادلها التجاري وبعملاتها المحلية ستعود مرة أخرى إلى الدولار، كيف سنشعر هذه العملات بالاستناد إلى الذهب أو إلى الدولار، كما أن الذهب تسعر بالدولار كل العملات، السلع الأولية في العالم تسعر بالدولار وبالتالي سنعود مرة أخرى لإشراك الدولار!، مبينًا أنه حتى تسعير العملات المحلية لهذه الدول مثل الصين تملك أكبر احتياطي في العالم من الدولار يتجاوز 3 تريليون دولار، لن تضحي بهذا الحجم الهائل من احتياطي من العملات الأجنبية بالدولار من أجل إقامة عملة مشتركة ربما يتأثر بها هذا الاحتياطي، ويأتي أيضا حجم التبادلات التجارية العالمية لهذه الدول فيما بينها بالدولار الأمريكي أكبر بكثير من حجم التبادلات المحلية بعملاتها المشتركة.
وأشار إلى أنه في جميع الأحوال قد تكون عملة مشتركة لغاية تبادل تجاري في حدود ضيقة ويتم الاتفاق عليها، لكنها من الصعوبة أن تتحول إلى عملة عالمية بالنظر إلى أن حتى اليوان الصيني وهو أقوى وأكبر العملات بين دول هذه المجموعة لا يشكل 5 % من حجم الاحتياطات العالمية وربما أقل من ذلك وبالتأكيد أقل من اليورو وأقل من الدولار، وبالتالي الدول الأخرى في العالم لن تضحي بمراكمة عملة ضمن احتياطياتها يعني ليس لها هذا الحضور العالمي الكبير، مبينًا أن هذا الشكل من التعاون بين الدول البركس لا شك أنه يثير قلق الولايات المتحدة لأن ما يتم التفكير به اليوم ربما يتحول إلى حقيقة بعد 10 أو 15 أو 20 سنة قادمة وأن كان الأمر ليس بهذه السهولة وأن تكون هناك عملة محلية أخرى تنافس الدولار وبالذات من مجموعة بريكس لا شك أنها ستؤثر على حضور العالمي للدولار علماً بأن اليورو وهو المنافس الأكبر للدولار لم يستطع أن يلعب هذا الدور على حجم الاقتصاد الهائل للإتحاد الأوروبي هذا من جهة.
وتابع، أنه رغم أن المشاورات التي أوصلت إلى توحيد العملة الأوروبية استغرقت أكثر من خمسة عقود لذلك الأمر ليس بهذه السهولة، مضيفًا أن الدول الأوروبية لديها الكثير من المشاركات فيما بينها الدول البركس هناك الكثير من الخلافات يعني الصراع العسكري الصيني الهندي، وتوترات الحدود الروسية الصينية، هذه لا شك أنها أحد العوامل المهمة في هذا المجال مصلحة هذه الدول فعلاً بتقليص دور الدولار، وربما يتم ذلك عبر تحييده من المعاملات الدولية بينها وبين الدول الأخرى، مشيرًا إلى أن ذلك سيكون محدودا وربما تأثيره لن يكون كبيرا على الدولار في السنوات العشر أو العشرين القادمة، بينما دول مثل مصر مثلا ً، ترحب بذلك لأن هذا الأمر سيحد من إنفاقها بالدولار حيث الاحتياطيات من العملات الأجنبية لديها خطيرة للغاية، بالتالي تؤثر على سعر صرف عملاتها وعلى الكثير من المؤشرات الاقتصادية فيها، فأنها تأمل أن يكون هناك مجال للتبادل التجاري بعملتها المحلية، هذا التباين الكبير بين أسعار صرف هذه الأملاك والدول الأخرى وبالأخص هذا الإنخفاض المستمر في أسعار العملات ربما يقلل من الأثر الذي يمكن أن يتوقعه الكثيرون من وجود عملات أو تبادل المعلومات بالمعلومات المحلية.
وأمل عايش، أن تكون البريكس قادرة على وضع الخطوط العريضة لمسار طويل وصولا إلى توحيد العملة بين هذه الدول بما يؤدي إلى وجود عملة منافسة للدولار، وأنه بالإمكان أن يكون لدينا تعدداً في العملات العالمية القوية بحيث تكبح جماح هذا الحضور الذي تحول إلى نوع من الابتزاز العالمي للدولار، وبالتالي أن يخفف ذلك من الأعباء على الكثير من الدول الصغيرة ومنها الأردن، مبينًا أن الاحتياطي من العملات الأجنبية في الأردن يرتفع وينخفض أحياناً لأسباب مختلفة، وعن السياسة النظرية وحتى الكلف الاقتصادي التي نتحملها تأتي من المحافظة على احتياطي من العملات الأجنبية بالدولار وبغيره من أجله المواجهة أو الإنفاق لما يزيد عن ثمان شهور على المستوردات، ولذلك فإن وجود عملة عالمية جديدة سيقلل من التبعات الاقتصادية للدولار وسيؤثر على الاستقرار الاقتصادي والنقد إيجاباً، وبالتالي سيقلل من التكاليف الاقتصادية والمعيشية التي يتحملها الناس للمحافظة على هذا الاستقرار لأمد طويل.
وتابع، لكن مع ذلك، فأن الأمم والدول الغربية الآن تصنف العالم إلى قسمين، والدول الديمقراطية بتجارتها واقتصادها و تبادلها التجاري والدول المستبدة على رأسها الصين وروسيا بتجارتها واقتصادياتها و تبادلها التجاري، لذلك تكون كثير من الدول ومنها الأردن في حذرة في التعامل مع توصيفات لعلاقات اقتصادية مع العالم تحمل هذا التصنيف بين الديمقراطيات وبين الدول الاستبدادية والأنظمة الاستبدادية التي يعني التجارة والإقتصاد، مبينًا أنه رغم أن تبادل التجاري مع الصين وهي أكبر دول تستورد منها الأردن، اي أنها تماثل حجم المستوردات من السعودية، وحجم المستوردات من الاتحاد الأوروبي إذا أمكن، ما يعني إلى أن يكون التبادل التجاري معها بالعملات المحلية بعيداً عن الدولار، فإن ذلك سيوفر الكثير من الاحتياطي من الدولار ويدعم استقرار سعر صرف الدينار، وسيؤدي من بين أمور أخرى إلى تقليل الضغطات على الأوضاع الإقتصادية والمعيشية.
وأكد عايش أن لذلك آثار إيجابية على الاقتصاد الأردني لكن الأمر يحتاج إصدار عملة مشتركة حتى لو كانت مدعومة بالذهب، بوجود الكثير من الصعوبات والعقوبات، والحاجة من الوقت الذي يحتاجه للوصول إلى هذا القرار، مضيفًا إلى وجود خلافات بين الدول المختلفة سواء كانت دول البركس نفسها، اي الهند ضمن مجموعة اكواس التي تضم بريطانيا واستراليا والولايات المتحدة تحالف عسكري أو شبيه بذلك في مواجهة الصين فكيف يمكن للدولتين أن يتحدى في عملة مشتركة؟ هذا سؤال يرسم الإجابة ويجيب أيضاً على التسأولات المتعلقة بالعملة المشتركة.
وأشار الخبير الاقتصادي وجدي المخامرة من جهته، إلى أن إنشاء عملة أخرى غير الدولار الأمريكي، اي عملة موحدة لمجموعة البركس، هذا يعتمد على مدى قيامها، ثباتها و مدى تأثيرها على التجارة العالمية، بالأضافة إلى مدى التزام الدول المشتركة لهذه العملة ومدى قوة ثباتها حتى تؤثر على قوة الدولار، متوقعًا أن ذلك يحتاج إلى وقت طويل في بعض الدول كالاردن ، والتي جزء من احتياطاتها هي بالعملة "الدولار" و العملات اخرى مثل اليورو، والذهب...الخ.
وبين أن الأردن يحافظ على هذا الاستقرار، وأن هذا النوع هو مخاطرة اذا تم انشاء عملة جديدة كعملة البركس ويأتي تأثيرها على المدى الطويل، ولكن حتى يتجنب الاردن مخاطر إنشاء عملة جديدة غير الدولار والذي يشكل 70% من التجارة العالمية و جزء كبير من الدول المحتفظة بالدولار كعملة احتياط كالأردن وباقي الدول الخليج وبعض دول العالم، مشيرًا إلى أن بعض الدول انخفضت احتياطاتها بالعملات الأجنبية ومنها الدولار بشكل واضح ضمن التوجه لتنويع العملات بأمور أخرى.
وتابع اذا تم انشاء هذه العملة "بريكس" على الأردن الاحتفاظ بأصول أخرى غير الدولار الأمريكي كالذهب، الفضة والأصول المقوم بالعملة الجديدة حتى لا تتأثر بذلك، وتستطيع تنويع المخاطر المترتبة على إنشاء عملة جديدة خلال السنوات القادمة.
الجدير ذكره، أنه من المتوقع بحلول عام 2050 أن تنافس اقتصادات دول مجموعة "بريكس"، اقتصاد اغنى دول العالم في الوقت الحالي.