ذكرى تأسيس حزب العمل الكوري الحليف

نبض البلد -
الأكاديمي مروان سوداح
في الذكريات المِلاح والإضاءات النضالية الباهرة التي يَحتفي بها شعب كوريا والملايين من أصدقائهم ومناصريهم بخاصة العرب منهم، هي ذكرى تأسيس "اتحاد إسقاط الامبريالية".
لماذا أكتب عن كوريا؟ هذا سؤال تقليدي يُكرره على مسامعي بعض القراء والأصدقاء الذين لا يعرفون شيئاً عن هذه الدولة الحليفة للعرب بما تتمتع به من قوة المبدأ والسلاح. ربما لم يسمع عدد من الناطقين بالضاد أن جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية بزعامة الرفيق الخالد الراحل كيم إيل سونغ، هي الدولة الوحيدة التي أرسلت قواتها الضاربة من أقصى شرق آسيا إلى أقصى غربها، لتحط رحالها على الجبهتين السورية والمصرية في عام 1973، لمشاركتنا القتال لتحرير أراضينا المحتلة. آنذاك، استشهد عدد من العسكريين الكوريين الذين روت دماؤهم الزكية أرضنا العربية المصرية والسورية. هذه الظاهرة النضالية المضيئة رسخت للأبد في التاريخين العربي والكوري بأحرف من نور ونار. ويمكن لمَن يريد أن يتأكد، أن يقرأ عن كل ذلك في مذكرات القادة العسكريين السوريين والمصريين، وزيارة "حدائق" الشهداء الكوريين في ضواحي القاهرة ودمشق، زد على ذلك الدعم الكوري المتعدد العناوين لهاتين الدولتين العربيتين، ولغيرهما من العواصم العربية.
لقد تَميَّز النضال الثوري المناهض للاستعمار الاستيطاني الياباني المَمحي في كوريا منذ النصف الأول من القرن الماضي، بتأسيس "اتحاد إسقاط الامبريالية" وقيادته ورعايته بيد وعقل وجهود الرئيس المؤسس لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، العظيم كيم إيل سونغ، الذي جعل النضال على كل الجبهات حرباً متواصلة لا هدنةً فيها، ولا مهادنةً، ولا مصالحةً ولا سلاماً في إطار المسيرة الكيمئيلسونغية لتحرير الوطن الكوري والأمة الكورية، وفي ذات الوقت، برز النضال الدؤوب لتأسيس الحزب الثوري العقائدي في كوريا والذي اشتهر في جهات الكرة الأرضية الأربع.
صادف يوم الـ17 من أكتوبرالسنة الـ96 لتأسيس "اتحاد إسقاط الامبريالية" (اسمه المختصر "ت.د")، الذي بناه عدد من الشيوعيين الشباب من الجيل الصاعد بدمائهم وحرماناتهم، بدافع من خطة الرئيس كيم إيل سونغ لتأسيس منظمة طليعية للثورة تقود نضال التحرر الوطني المناهض للاستعمارالياباني خلال تلكم الزمن.
في الفترة العصيبة التي عانت فيها شبه الجزيرة الكورية من الأجنبي الدخيل - وفلسطين هي الأخرى كانت تعاني من الاستعمارين الصهيوني والانجليزي، وحيث كانت كوريا تئن تحت نير الاحتلال العسكري للامبرياليين اليابانيين (1905-1945) - انطلق الرئيس المجيد كيم إيل سونغ على طريق مستقيم للثورة لاستعادة وطنه المحروم إمبريالياً من الحياة، إذ سعى الاستعمار إلى تصفية جسدية كاملة للأمة الكورية في كل شبه الجزيرة الكورية، لتوسيع "المجال الحيوي" له، إذ أنه أراد التمتع بالمزيدِ من التمدد والانتشار في آسيا.
كانت المهمة المباشرة لمنظمة "ت.د" الإطاحة بالامبريالية اليابانية، وتحقيق تحرير كوريا واستقلاليتها. أما هدفها النهائي فكان بناء الاشتراكية المتطورة وما يليها مجتمع المساواة التامة في كوريا، والإطاحة بكل الامبرياليات في العالم بالتعاون مع الحلفاء وبقوى منظمة "ت.د" كنقطة انطلاق لتأسيس الحزب الكوري على النمط الجديد، الثوري الزوتشي المستقل، الذي يختلف اختلافاً تاماً عقيدة وممارسة عن بقية الأحزاب التقليدية في شتى الأقطار.
في اليوم الـ28 من أغسطس، أسس الرئيس كيم إيل سونغ "اتحاد الشباب الشيوعي الكوري"، بحيث شهد النضال لتأسيس الحزب الثوريٍ، المنطلق من "ت.د" تقدماً جديداً. لم يكن "اتحاد الشباب الشيوعي" مجرد منظمة شباب، بل ثبت كمنظمة طليعية أدَّت دوراً كبيراً في استنهاض العمال والفلاحين وغيرهم من الجماهير الغفيرة إلى الكفاح المناهض للاستعمار عبر تحقيق التوجيه المُوَحَّد لكل المنظمات الثورية، بدافع من رسالتها لشق طريق الثورة الكورية.
في يوم الثالث من يوليو (1930)، شكَّل الرئيس كيم إيل سونغ المنظمة الحزبية الأولى - جمعية تلاحم الرفاق - التي غدت أساساً لتأسيس الحزب الطليعي من الشيوعيين الشباب. كان ذلك اليوم يوماً تالياً بعد انتهاء "اجتماع كارون" التاريخي المُنعَقِد تحت قيادته، حيث طرح في خطابه مهمة "طريق التقدم للثورة الكورية" خط النضال المسلح المناهض للاستعمار الياباني، وخط الجبهة المتحدة الوطنية المناهضة لليابان، ومنهج تأسيس الحزب الثوري. كانت جمعية تلاحم الرفاق حجر الأساس لتأسيس حزب العمل الكوري، الذي تم تشكيله بعد ذلك، وصار منظمة ذات مغزى كبير في تكوين التنظيمات الحزبية القاعدية وتوسيعها لمساندة عملانية تأسيس حزب العمل الكوري.
بفضل كل تلك النضالات، أصبح الشيوعيون الشباب يملكون منظمة طليعية حقيقية للثورة الكورية، ما أفضى بهم للنجاح بحذاقة بتأسيس الحزب، زد على ذلك خوضهم النضال التحرري الوطني المناهض للإمبريالية العالمية بقيادة موحَّدَة، ليس في حدود وطنهم كوريا فحسب، بل وفي منطقتنا العربية الواسعة بمواجهة الاحتلال الصهيوني أيضاً، إذ تدعم كوريا كيم جونغ وون القضية الفلسطينية بكامل قواها عسكرياً، وتساند البلدان العربية والدول الصديقة لها في منطقتنا بكل ما يتم التوافق عليه بين الأطراف المعنية.
*الصحفي الفخري لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية.
/:/