الدكتور راح ... الدكتور أجا

نبض البلد -
سعيد الصالحي

الأردن بلد الظواهر العجيبة فقبل عدة أيام إلتقيت بأحد الأشخاص وبالطبع قبل أن أعرف أني مصاب بالكورونا فصافحته بالطريقة الجديدة التي فرضتها الكورونا وبادرته بالسلام باسمه ليرد علي التحية موضحا لي أنه أصبح دكتورا فتعجبت كيف أصبحت فئة لا بأس بها من الشعب الاردني حاصلة على شهادات الدكتوراة ويمهرون حرف الدال مصحوبا بنقطة أمام اسمائهم في زمن قياسي؟

فنحن أكثر شعوب العالم حبا للألقاب فكل لاعب كرة قدم أو مشتغل بها أصبح "كابتن" وكل من مر بجوار جمعية خيرية أصبح "ناشط اجتماعي" وكل من ترشح أو فكر بالترشح لأي انتخابات -حتى لو لانتخابات عريف الصف- أصبح "ناشط سياسي" فنحن شعب يجيد اختراع الألقاب وكأن الاسماء لوحدها لا تكفي، وعلينا أن نخاطب كل من طبع بطاقة اعمال ووضع حرف الدال ونقطته قبل اسمه بهذا الاسم العلمي الرفيع الذي يقضي البعض عشرات السنوات للحصول عليه وربما يخجل بعض الدكاترة الحقيقين عندما تخاطبه بلقب الدكتور ويخبرك بأنه يفضل ان تخاطبه باسم "ابوماهر" أو "أبو عمر" لانه يشعر بالرضا الذاتي مع هذا اللقب أو بدونه.

ومن هنا أما آن للجهات الحكومية أن تقف بحزم وتحد من هذه الظاهرة التي باتت تتفشى في مجتمعنا كأننا حارة كل من أيدو إله وكأن المؤهلات الاكاديمية باتت تباع على البسطات على قارعة الطريق؟ أما آن الأوان أن تتدخل وزارة التعليم العالي وتحد من انتشار هذه الشهادات الوهمية أو الفخرية وتنصف حملة شهادات الدكتوراة؟ ألا يستحق حملة الشهادات الحقيقية أن يشعروا بقيمة انجازهم وتعبهم وبأنهم بالفعل من النخب الاكاديمية في البلاد وبأنهم لا يشبهون المزيفون؟

حب بعض افراد مجتمعنا للألقاب يدفعه لفعل أي شيء أو لادعاء أي شيء، فإذا كانت الحكومة لا تعلم بشأن هذه الظاهرة فتلك مصيبة وإن كانت تعلم وصامتة عن هذا الأمر فالمصيبة أعظم وإن شاء الله ما يكون في من حملة الدكتوراة الفخرية أو الوهمية في الوظائف الحكومية.