خريطة المعادن الجديدة.. هل توسع الاستثمار بالقطاع أم تبقى حبرًا على الورق؟

نبض البلد -

وزارة الطاقة: التحديث يتم بشكل دوري بناءً على مخرجات الفرق الميدانية في مديرية الجيولوجيا والتعدين

بلاسمة: الهدف من الخريطة الجديدة هو الكشف عن مواقع جديدة للثروات المعدنية

 عمر الخطيب

في إطار سعي الأردن لتعزيز أمنه الاقتصادي واستثمار موارده الطبيعية، يبرز مشروع "الخريطة الجيولوجية الرقمية" كأداة حديثة تعتمد عليها وزارة الطاقة والثروة المعدنية لتسويق الفرص الاستثمارية في قطاع التعدين. هذا المشروع، القائم على بيانات ميدانية وتحليلات علمية ومعالجة رقمية متقدمة، يسعى إلى تجميع المعرفة الجيولوجية المتاحة ضمن قاعدة بيانات تفاعلية تتيح للمستثمرين والباحثين الاطلاع على مواقع الخامات المعدنية المنتشرة في مختلف مناطق المملكة.

ورغم مرور أكثر من عامين على إطلاق الخريطة، لا يزال التساؤل قائمًا حول فاعليتها الحقيقية، ومدى قدرتها على جذب استثمارات نوعية تُحوِّل الموارد الطبيعية إلى قيمة اقتصادية مضافة.

وبينما تؤكد الجهات الرسمية أن التحديثات مستمرة، يبقى الرهان على إحداث تغيير ملموس على أرض الواقع. فهل تمثل هذه الخريطة الرقمية تحولًا حقيقيًا في استثمار الثروات المعدنية، أم أنها لا تزال في مرحلة الاختبار؟

 

آلية التحديث وأهداف الخريطة

وأوضحت وزارة الطاقة والثروة المعدنية أن الخريطة تعتمد على فرق ميدانية متخصصة لجمع المعلومات وإجراء المسوحات الجيولوجية، وتُعالج البيانات باستخدام صور الأقمار الصناعية وتحاليل العينات الصخرية، ليتم إخراج النتائج في شكل تقارير تفصيلية وخرائط ورقية، ثم تحويلها إلى معلومات رقمية تُغذي قواعد بيانات الخريطة التفاعلية بشكل مستمر.

وبخصوص الخريطة التي أُطلقت عام 2022، أكدت الوزارة أنها لا تزال فعالة، ويتم تحديثها دوريًا لتشمل الفرص الجديدة، حيث أُضيفت ست فرص استثمارية جديدة في جنوب المملكة، تحديدًا في مناطق وادي مبارك، وادي التنك، وعِمران.

وأضافت الوزارة أن الخريطة تُعد الركيزة الرقمية الأساسية لتسويق الفرص الاستثمارية، وتتيح المعلومات مجانًا، بما يُسهم في تسهيل اتخاذ القرار الاستثماري وتقليص الزمن والتكلفة على المستثمرين.

حصيلة الخريطة الجيولوجية 2022

من جهته، أوضح خبير الطاقة فراس بلاسمة أن الخريطة التي أُطلقت بالتعاون مع هيئة المساحة الجيولوجية وثّقت أكثر من 20 مادة معدنية بكميات متفاوتة في عدة مناطق من المملكة، مثل: الفوسفات، النحاس، الذهب، البازلت، السيليكا، الكاولين، الزركون. كما سلّطت الضوء على مناطق واعدة في الجنوب والوسط، مثل ضانا، وادي أبو خشيبة، الجفر، الحسا، والمفرق.

وأشار بلاسمة إلى أن الخريطة استندت إلى بيانات مسح تعود إلى خمسينيات وسبعينيات القرن الماضي، مع تحديثات محدودة، دون توظيف فعّال لتقنيات الاستشعار عن بُعد أو التصوير الجيوفيزيائي المتقدم، كما أنها لم تغطِ كامل الأراضي الأردنية، بل اقتصرت على المناطق المعروفة جيولوجيًا، دون استكشاف شامل للمناطق الحدودية أو الصحراوية.

 

خريطة 2024–2025: نحو رؤية رقمية أشمل

حول الخريطة الجيولوجية المُحدثة لعام 2024–2025، أوضح بلاسمة أنها تُعد جزءًا من مشروع شامل يغطي مختلف مناطق الأردن، وخاصة الجنوب والشرق، باستخدام تقنيات حديثة، مثل التحليل الطيفي الجيولوجي، والمسح الجوي الجيوفيزيائي، وتحليل الصور الفضائية عالية الدقة.

وتهدف هذه الخريطة إلى تحديد مواقع جديدة للمعادن النادرة والمستخدمة في الصناعات الحديثة، مثل الليثيوم، والعناصر الأرضية النادرة، والكوبالت، كما ستوفر بيانات دقيقة تسهم في دعم اتخاذ قرارات اقتصادية مبنية على أسس علمية.

 

فجوة رقمية تعيق الاستثمار

وأوضح بلاسمة أن عملية تحديث الخرائط الرقمية ما زالت تواجه فجوات زمنية واضحة، نتيجة البيروقراطية الإدارية، ونقص الكوادر المتخصصة في تحليل البيانات الجيولوجية، وبُطء التحول الرقمي الكامل لقاعدة بيانات الوزارة. كما أشار إلى غياب منصة موحدة ومحدثة آنيًا، ما يحد من قدرة المستثمرين على الوصول إلى معلومات حديثة وموثوقة.

 

دعوة لنهج تكاملي واستثمار المعرفة

واختتم بلاسمة حديثه بالتأكيد على أهمية اعتماد نهج تكاملي ومستدام في تحديث الخرائط الجيولوجية، عبر آليات ديناميكية تنقل نتائج الاكتشافات الجديدة بسرعة إلى المنصات الرقمية المتاحة. كما دعا إلى نشر النتائج بشفافية لتمكين الباحثين والمستثمرين، وتعزيز الشراكات مع الجامعات ومراكز الأبحاث، بهدف تسريع تحليل النتائج واختصار الزمن بين الاكتشاف والاستثمار.