ألف مركبة دخلت بهوية مزورة وسط صدمة التجار والمستهلكين
أبو ناصر: هيئة مستثمري المناطق الحرة تحفظت على المركبات المشبوهة وأوقفت التعامل بها
عمر الخطيب
في وقت تتكاثف فيه الأعباء الاقتصادية والمعيشية على الأردنيين، تكشف قضية غش صناعي خطيرة في قطاع المركبات عن اختراق ممنهج يُهدد ثقة المستهلك، ويضرب سمعة التجارة والاستيراد في مقتل.
فما بين المنطقة الحرة والطرقات الأردنية، تسللت نحو ألف مركبة من نوع "شانجان" إلى السوق المحلي، تحمل موديلات 2024 و2025 و2026، لكنها دخلت تحت غطاء زائف كموديلات 2022 و2023، بعد أن تم التلاعب بأرقام الشاصي بطريقة وصفها مختصون بأنها "سابقة نوعية في التزوير الهيكلي"، وسط تساؤلات متزايدة حول الثغرات الرقابية، ومن يقف وراء تمرير هذا التزوير المُتقن.
هذه المركبات "القانونية شكليًا"، لم تمر فقط من أعين الجهات المختصة، بل وجدت طريقها إلى المستهلك النهائي، أحيانًا عبر دفعات تقسيط بنكي تمتد لسنوات، ما يزيد من خطورة الموقف وعمق الأزمة.
لجنة تحقيق وملف ساخن
وبينما تتصاعد حالة الغضب والاستفهام في الشارع، باشرت لجنة تحقيق رسمية أعمالها لتتبع خيوط القضية، بالتعاون مع دائرة الجمارك وهيئة مستثمري المناطق الحرة، للوقوف على الجهات المسؤولة عن التزوير، بدءًا من المستورد وحتى التاجر والجهات الوسيطة.
تساؤلات حرجة تطرح نفسها: من المستورد الفعلي؟ من الجهة التي غيّرت أرقام الشاصي؟ هل تم التزوير خارج الأردن أم بترتيب داخلي؟ وماذا عن المركبات التي بيعت؟ هل ستُعاد ملفاتها؟ ومن يتحمل الثمن؟
الشارع ينتظر… ولكن الأجوبة معلقة
في خضم الجدل، اتهم عدد من تجار سيارات "بي واي دي” بعض وكلاء "شانجان” بالوقوف وراء عملية منظمة هدفها ضرب السوق وتخفيض أسعار السيارات المنافسة بشكل غير مشروع، بعد أن شهدت "بي واي دي” إقبالاً متزايدًا في السوق الأردني مؤخرًا.
لكن وكلاء "شانجان” نفوا هذه الاتهامات جملة وتفصيلًا، معتبرين أنها محاولة لـ”التشويش” على القضية قبل انتهاء التحقيقات، مؤكدين أنه لم يتم توجيه أي اتهام رسمي لأي جهة حتى الآن.
الهيئة: الخلل خارجي والضرر واسع
بدوره، قال ممثل قطاع المركبات في هيئة مستثمري المناطق الحرة، جهاد أبو ناصر، إن الخلل تم اكتشافه أثناء مراجعة تقارير الحالة التاريخية لبعض المركبات، والتي أظهرت أن مكوناتها تعود إلى موديلات أحدث من الرقم التسلسلي للشاصي، وهو أمر غير منطقي ويشير إلى تلاعب متعمد.
وبين أن الفحص الفني كشف عن 117 مركبة تم تزويرها، مؤكدًا أن التزوير لم يحدث داخل الأردن، بل في مراكز خارجية على الأرجح، وأن الهيئة بادرت بإبلاغ الجهات المعنية وفتح تحقيق موسع.
ورغم أن هذه المركبات تمثل أقل من 0.1% من إجمالي السيارات المستوردة يوميًا، إلا أن آثارها كانت مدوية، إذ تضررت مبيعات التجار الملتزمين، وتعرض المستهلكون للغش، خصوصًا أن كثيرًا من المركبات المباعة لا تزال مرهونة للبنوك أو لم تُنقل ملكيتها.
إجراءات وقائية وتشديد للرقابة
وأوضح أبو ناصر أن الهيئة تحفظت على المركبات المشبوهة وأوقفت التعامل بها، وأنها قامت بتحديث إجراءات الرقابة، حيث لن يُسمح بدخول أي مركبة لا تملك تقريرًا تاريخيًا موثقًا، إلى جانب إجراء مطابقة دقيقة لمكونات المركبة وسنة تصنيعها، مؤكدًا أن الهيئة تعمل لحماية القطاع وضمان الشفافية والعدالة.