رفض مطلق لتطبيق سياسة العصا بالمدارس

نبض البلد -

عبيدات: الضرب التأديبي انتهاك لحقوق الطلبة ويترك اضرارا عليهم

زريقات: المطالبة بإعادة الضرب يتجاهل سمات طلبة القرن ال21

البطوش: يجب التركيز على برامج الوقاية من السلوكيات المسيئة

الانباط – شذى حتاملة

في الوقت الذي يدور فيه الجدل والنقاش حول اساليب تربية الطلبة في المدارس يعود الصدى إلى استخدام العقوبات التأديبية في المدارس ومطالبة بعض الأهالي بعودة الطريقة التقليدية لتربية الطلبة من خلال استخدام المعلم العصا في المدارس باعتقادهم انه يحسن سلوك الطلبة ويضبطهم داخل الصف المدرسي ، معبرين عن قلقهم بشان تراجع احترام الطالب للمعلم وتزايد السلوكيات الخاطئة لدى الطلبة، في حين يعارض الاسلوب التقليدي اخرون باعتباره تعديا على حقوق الطلبة وممارسة العنف ضدهم.

المستشارة التربوية ومديرة ادارة التعليم الخاص سابقا الدكتورة ريما زريقات ، قالت انه في الوقت الذي يسعى فيه التربويون إلى صقل شخصية الطلاب وبناء جسور الثقة والتواصل الفاعل وزيادة تقدير الذات وتوظيف قدراتهم وطاقاتهم وإظهار إبداعهم ودعم تميزهم في المجالات المختلفة ، يطالب بعض أولياء الأمور بإعادة الضرب والعقاب البدني للمدارس متجاهلين السمات التي يتميز بها طلبة القرن الواحد والعشرين وطبيعة تعلمهم وانفتاحهم على العالم وتكنولوجيا التعلم والذكاء الاصطناعي ، لافتة أن هذا المطلب في الحقيقة لا يحقق الفائدة المرجوة للطلبة ، متسائلة لماذا يطلب البعض ذلك ام بسبب عدم السيطرة على سلوكيات أبنائهم ام بسبب عدم متابعتهم.

واضافت أن تنشئة الطالب تبدأ من الأسرة وحين يلتحق الطالب بالمدرسة تصبح العملية تشاركية وتأخذ المدرسة دور أكبر وفاعل من خلال معلم الصف والمرشد التربوي ، مبينة أن لضمان بيئة تعلم آمنة وفاعلة للطلبة لابد من مراعاة شخصيات الطلبة وإتقان التعامل مع أنماط الشخصيات المختلفة والتعزيز اللازم للطالب لصقل شخصيته وتأكيد ذاته ، ولابد من استخدام التعزيز السلبي في حالة معاقبته بدل من العقاب الجسدي والبدني .

واشارت الزريقات إلى دور المدرسة في التعامل مع سلوكيات الطلبة المختلفة وذلك من خلال تفعيل دور المرشد التربوي عن طريق حصص الارشاد والتوجيه الفردية والجمعية ومجموعات التركيز ، مؤكدة أن وزارة التربية والتعليم عليها دور في توفير مرشد في كل مدرسة دون أي شروط مرتبطة بعدد الطلاب أو الصفوف ، كذلك تدريب المعلمين من قبل المرشد التربوي على كيفية توفير بيئة آمنة للطلبة في الغرفة الصفية .

وتابعت حديثها، إن كانت الكلمة تؤثر بالطالب و قد ترفعه وتعززه أو تهينه وتنتقص من قدره و أمام أقرانه ، فكيف يريد البعض إعادة العقاب البدني للطالب المخالف ، كيف سيستطيع الطالب المهان والمنبوذ التعلم خاصة إن كانت شخصيته هشة وإن كان حساسا ، متسائلة هل نضمن ردود فعل الطلبة خاصة في فترة المراهقة ، مشيرة إلى الاهتمام بشخصية الطالب وصقلها لأنها أساس الاندماج الاجتماعي والسلوكي ، والسبب الرئيسي وراء تعلمه وتحقيق نتاجات التعلم ، ولن ينجح تعليمنا وتتحقق نتاجاته وتحقيق التعلم المرجو الذي نريد إلا بإعداد طالب واعي منتمي وذي شخصية متوازنة .

ودعت الى توظيف القيادة الصفية وليس فقط الإدارة الصفية داخل الغرفة الصفية ، وتفعيل تعلم الأقران و الطالب المرشد ، والاتفاق على توقيع ميثاق شرف أو ميثاق سلوكي يتعلم به الطلبة الالتزام والمسؤولية أمام سلوكياتهم المختلفة خاص بصفة ، إضافة إلى الشراكة الحقيقية السلوكية مع ولي الأمر بخصوص الطالب ، وعقد الورش الارشادية والتوجيهية للأمهات وأولياء الأمور ، لافتة الى اهمية التعزيز اللفظي والمادي للطلبة وعدم تخصيص معاقبة طلاب دون الآخرين وجعل الوثيقة نظام صفي ومدرسي بين مربي الصف والطلبة ، واستثمار طاقات الطلبة وتوجيهها من خلال المشاركة في الأنشطة المدرسية والرياضة المدرسية وتدريب الطلبة على مهارات الاتصال والتواصل ، إضافة إلى تفعيل استراتيجيات التعلم النشط من خلال المشاريع وتفعيل العمل التعاوني وتفعيل استراتيجيات تتطلب روح الفريق وتوزيع الأدوار .

ومن جانبه شدد الخبير التربوي الدكتور ذوقان عبيدات ، على أن فكرة الضرب التأديبي لطلبة المدارس غير مسموحة على الاطلاق ، مبينا أن هناك احساس بضعف سلطة المعلم وعدم قدرته على سيطرة الطلبة ولذلك تخرج مطالبات من غير التربويون تنصح بعودة الضرب التأديبي للطلبة ، غير أن العقوبات لا تعمل على تأديب الطلبة ولا تنهي السلوك السلبي المطلوب .

واضاف أن الضرب التأديبي يعد انتهاكًا لحقوق الطالب ويمكن أن يسبب ضررا نفسيًا وجسديًا للطلبة ، فاذا كان الضرب والعقوبات البدنية خفيفة ولا تلحق اذى جسدي بالطالب فأنها قد تسبب بأذى نفسي له امام زملائه ، لافتا إلى أن كانت البيئة المدرسية غير جيدة وسلطة المعلم ضعيفة يجب معالجة هذه الأمور وليس اعطاء المعلم صلاحية الضرب .

وتابع، أن هناك تأثيرات لعودة الضرب على الطلبة وهو أن بعض الأهالي ترفض استخدام الضرب من قبل المعلمين ، وقد تلحق العقوبات اذى كبير بالطالب ، وتأثيرات نفسية على المدى الطويل ،وقد تودي إلى اصابة الطالب بالاكتئاب والاحباط وتسهل مهمة التنمر على الطالب من خلال سخرية الطلبة على الطالب المعاقب .

واشار، إلى العقوبات التي يمكن اللجوء اليها غير استخدام الضرب وهي العقوبات البنائية غير الاستهلاكية والتي تهدف إلى تغير قناعات والمفاهيم الخاطئة لدى الطلبة بحيث يستطيع اختيار السلوك المناسب ، مضيفا إلى اهمية تطبيق العقوبات التي تكون من جنس العمل والمخالفة ، إضافة إلى تطبيق العقوبات التي يقترحها الطالب نفسه والتي تساعده على حل مشكلته .

الى ذلك ، أكدت الاستشارية النفسية والأسرية والتربوية حنين البطوش ، إن استخدام الضرب التأديبي في المدارس ليس حلاً فعالاً لمعالجة السلوكيات المتدنية، بل يترك آثارًا نفسية سلبية جسيمة على الطلبة على المدى القصير والمدى البعيد، ويعد حلاً مقبولاً أو فعالاً لمعالجة مشكلات السلوك ،لافتة إلى أن الضرب يساهم في ثقافة التشجيع على العنف والعدوانية داخل المدرسة، فلا شك أن العنف يولد عنف وبدلاً من ذلك، ينبغي التركيز على نهج شامل يركز على الوقاية ودعم الصحة النفسية للطلاب، وتعزيز التعاون بين المدرسة والمنزل لإيجاد بيئة تعليمية آمنة .

وبينت أن هناك بعض الاهالي يعتقدون أن العقاب المباشر والملموس المتمثل بالضرب يخيف الطلبة ويثنيهم عن ارتكاب المخالفات ، ويعود السبب ايضاً إلى نشأ العديد من الآباء في بيئات اعتمدت الضرب كأسلوب تأديبي تقليدي، مما يشكل أرضية لاعتبارهم إياه نهجًا طبيعيًا لتربية الأبناء ،موضحة أن بعض الأهالي ترى أن الضرب يخيف الطلبة ويردعهم عن ارتكاب المخالفات لذا يلجأ بعض الأهالي إلى الضرب كحل أخير بعد استنفادهم لشتى الأساليب التأديبية الأخرى، كـ الحوار أو المكافآت، دون جدوى .

واوضحت البطوش أن الدراسات تشير إلى أن الضرب الجسدي يسبب اضرارًا جسدية ونفسية بالطلاب، مما يؤدي إلى مشكلات سلوكية وعاطفية على المدى الطويل وقد يسبب شعورًا بالخوف والقلق وانخفاض الثقة بالنفس لدى الأطفال، ناهيك عن إمكانية تعرضهم لإصابات جسدية، حيث أثبتت الدراسات أن الضرب حل مؤقت لا يساهم في تعليم مهارات التحكم الذاتي لدى الطلاب .

وتابعت إلى أن تجارب الضرب التأديبي تؤدي في المدرسة إلى مشكلات نفسية واجتماعية على المدى الطويل، كـ صعوبات في العلاقات الشخصية، وسوء التكيف في العمل، وزيادة احتمالية الإصابة بالأمراض النفسية وبالتالي ذلك يؤدي إلى تكرار السلوكيات المسيئة مستقبلًا ، إضافة إلى أن التعرض للضرب التأديبي بشكل متكرر إلى الإصابة بالاكتئاب واضطرابات القلق لدى الطلبة.

و أشارت إلى أن الضرب يؤدي إلى ظهور أعراض جسدية مثل آلام المعدة والصداع وشعور الطالب بالخوف من المعلم ومن البيئة المدرسية بشكل عام، إضافة إلى أنه يعيق عملية التعلم ويؤثر سلبًا على قدرته على التركيز والاستيعاب، كما يمكن للضرب أن يسبب انخفاضًا في الثقة بالنفس لدى الطالب، مما قد يؤدي إلى شعوره بالعجز وعدم القيمة.

وقالت البطوش أن المشاعر السلبية الناتجة عن الضرب التأديبي على قدرة الطالب على التركيز والانتباه، مما يعيق عملية التعلم ويؤدي إلى تراجعِ تحصيله الدراسي ، مبينة انه يمكن للضرب أن يؤثر على مهارات التواصل لدى الطالب، مما قد يعيق قدرته على تكوين العلاقات الاجتماعية وبناء الصداقات ، لذا ينبغي تبني نهج شامل يركز على الوقاية ودعم الصحة النفسية للطلبة، وتعزيز التعاون بين المدرسة والعائلة، وخلق بيئةٍ تعليميةٍ آمنةٍ ومحفزة على التعلم .

ولفتت إلى أن بدلاً من إعادة إحياء ثقافة الضرب، ينبغي على المدارس التركيز على برامج الوقاية من السلوكيات المسيئة يكون هدف هذه البرامج تعزيز مهارات التحكم الذاتي لدى الطلبة وتدريبهم على حل النزاعات بطرق سلمية واستخدام التعزيز الإيجابي ومكافأة الطلاب على سلوكهم الجيد من خلال الثناء أو الامتيازات ،مضيفة أن من المهم إجراء حوار مفتوح ومنصف بين جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك أولياء الأمور والمعلمين والطلاب والخبراء، والبحث عن حلول فعالة لمعالجة السلوكيات السيئة في المدارس دون اللجوء إلى العنف ، إضافة إلى ضرورة دعم صحة الطلبة النفسية بتوفير خدمات الإرشاد والتوجيه للطلبة الذين يعانون من مشكلات سلوكية أو عاطفية واستخدام برامج تدخل سلوكية مبنية على الأدلة لمساعدة الطلاب على تطوير مهارات التنظيم الذاتي والتحكم في الغضب ومساعدة الطالب على إيجاد حلول إيجابية للتحديات التي تواجهه ، وتعزيز التعاون ما بين المدرسة والمنزل وتوحيد الجهود بين المدرسة وأولياء الأمور لضمان اتباع نهج متناسق في التأديب .

وختمت حديثها، إن إعادة استخدام الضرب التأديبي في المدارس لا تمثل حلاً مستدامًا أو تربويًا فعالاً لمعالجة مشكلات السلوك ، بدلاً من ذلك يجب تبني نهجًا شاملًا يركز على الوقاية ودعم الصحة النفسية للطلبة، إضافة إلى تعزيز التعاون بين المدرسة والعائلة، وخلق بيئة تعليمية آمنة ومحفزة على التعلم .