نبض البلد -
صوت مجلس النواب أمس على مشروع قانون الموازنة العامة التي تقدمت به الحكومة. لا جديد في نتيجة التصويت، فقد حصلت الموازنة العامة على ثقة المجلس النيابي الذي لم يترك جهدا خلال الشهر الماضي إلا وقد بذله في سبيل مناقشة مشروع القانون مع كافة القطاعات.
لكن كما هي العادة، فقد كان هذا الجهد، جهدا استعراضي وهمي يتكرر عاما بعد عام، وما صرخات النواب واعتراضاتهما وملاحظاتهما، إلا مسرحية هزلية تزيد من فجوة الثقة بين السلطة التشريعية المنتخبة من الشعب، وبين المواطنين الأردنيين الذين لم يعد لهم مساحة واسعة في تفكير النواب، ممن يؤثرون مصالحهم الخاصة على حساب المصلحة العامة، إلا من رحم ربي من بعض النواب.
استمعنا خلال الأيام الماضية إلا سجال كبير بين النواب والحكومة بشأن مشروع القانون، فمنهم من ارتفع صوته متوعدا برفضها وعدم منحها الثقة، بل دخل في تفاصيل الموازنة وطالب بالتخلص من الطريقة التقليدية في إعدادها باعتبارها شبه متكررة المضمون كل عام. كل هذا الصراع والعنفوان النيابي ذاب في بحر التصويت عليها وكأن شيئا لم يكن.
من المخجل جدا أن نشاهد كل عام هذه المهزلة النيابية، التي يستعرض فيها النواب قواهم التي سرعان ما تنهار أمام رفع الأيادي والتصويت، سواء في موضوع الموازنة أو مشاريع القوانين التي تقدمها الحكومات باستمرار حتى وإن مسكت هذه القوانين المواطنين. لا يصوت النواب بناءا على قناعاتهم وباتوا تابعين للحكومة لا مراقبين عليها.
لا اعرف كيف يقبل النائب على نفسه أن يكون بهذا الشكل، سواء أمام قاعدته الانتخابية، أو أمام الرأي العام، ولا استطيع أن استوعب فكرة ان يحول النواب مجلسهم إلى مجلس مكمل للحكومة وكأنه جزء من السلطة التنفيذية، وجزء داعم لها، بدلا من أن يكون شريكا لها في القضايا السياسية والاستراتيجية، ومناضل ضدها في المواضيع التشريعية التي تعرض عليه وتحتاج إلى موافقته.
ربما استوعب ان يكون هذا سلوك مجلس الأعيان لاعتبارات عديدة، لكن أن يكون مجلس الأعيان أقوى من مجلس النواب الذي يمثل الشعب كاملا فهذا استهزاء بنفسه، واستهزاء بشريحة واسعة من المواطنين. وأذكر المجلس النيابي السابق وقد وافق على أحد القوانين ورده له مجلس الأعيان.
بالمجمل، لا جديد يدعو لمزيد من الاحباط من أداء مجلس النواب، فالاحباط مزروع في عقولنا وقلوبنا ولا أمل في أن نراه مجلسا قويا، ومواصلة دعوته لأن يتبوأ مكانا عليا لا تقدم ولا تؤخر، فهو خط لنفسه خطا سلبيا لن يقوى على تجاوزه. كان الله في عون الأردن والأردنيين.