نبض البلد - يزداد القلق من انتشار الأمراض الموسمية، مع دخول فصل الشتاء، إذ توفر التغيرات المناخية والانخفاض الملحوظ في درجات الحرارة بيئة مناسبة لانتشار الفيروسات.
وشدد أطباء في تصريحات لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) على أهمية تعزيز الوعي حول اللقاحات والإجراءات الوقائية، مؤكدين أن التزام المجتمع بالممارسات الصحية يمثل خط الدفاع الأول للحد من انتشار هذه الأمراض.
وأشار مدير إدارة الأوبئة في وزارة الصحة، الدكتور أيمن المقابلة، إلى أن النمط السائد حاليا للإصابة في الأردن هو "إنفلونزا أ - H3N2"، مع توقع ارتفاع في عدد الحالات المصابة، مشيرا إلى عدم تسجيل حالات للفيروس المخلوي، وأنه خلال الأسبوعين الأخيرين تم تسجيل إصابة واحدة بـ"كوفيد-19" كل أسبوع.
وأوضح أن أعراض الإصابة بالفيروسات التنفسية متشابهة إلى حد كبير، ولا يمكن التمييز بينها إلا عبر الفحص المخبري، معتبرا أن "الفحص المخبري هو الفيصل الوحيد للتشخيص الدقيق"، مشددا على أن شدة الأعراض تختلف حسب مناعة الشخص.
وقدم المقابلة، جملة من التوصيات الوقائية للأفراد والمجتمع، منها: أخذ مطعوم الإنفلونزا السنوي، خاصة خلال تشرين الأول، مع إمكانية أخذه في أي وقت طوال السنة، وغسل اليدين بانتظام لمدة 40 ثانية بالماء الدافئ بعد ملامسة الأسطح، والتهوية الجيدة للمساحات المغلقة، واستخدام الكمامات في المنشآت الصحية والأماكن المزدحمة، مع مراعاة الظروف الصحية للأفراد.
أما في حال الإصابة، فنصح المقابلة، بعزل المصاب في المنزل وتجنب الاختلاط، وتقليل التواصل مع أفراد الأسرة وعدم مشاركة الأدوات الشخصية، والتوجه إلى أقرب مركز صحي للتشخيص الصحيح وتلقي العلاج المناسب.
وكشف عن جملة من إجراءات تنفذها الوزارة استعدادا لموسم الشتاء، منها: توفير المطاعيم والأدوية، وتعزيز الكوادر الطبية والتمريضية وتدريبها، والتعاون مع الجهات المعنية مثل المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات والمركز الوطني لمكافحة الأوبئة، وإطلاق حملات توعوية، وتنفيذ بروتوكولات علاجية موحدة بالتعاون مع القطاعين العام والخاص.
من جهته، قال الأمين العام للرابطة العربية لأطباء الأمراض الصدرية واستشاري الأمراض الصدرية والتنفسية، الدكتور محمد الطراونة، إن الدراسات والأبحاث العالمية تشير إلى أن التغيرات المناخية ساهمت في ظهور الفيروسات التنفسية في مناطق لم تكن تسجل فيها مسبقا، كما أصبح ظهورها بشكل متزامن أمرا أكثر شيوعا.
وشدد الطراونة، على أهمية التوعية بأهمية مطعوم الإنفلونزا، والتأكد من توافر كميات كافية منه، مع إعطاء أولوية تطعيم الكوادر الطبية في المستشفيات، وكبار السن الذين تزيد أعمارهم على 65 عاما.
ودعا إلى رفع الوعي في المدارس والجامعات حول عادات السعال الصحيحة، وغسل اليدين، وتهوية الأماكن المغلقة، لمنع وصول العدوى إلى الفئات عالية الخطورة، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات بسيطة لكنها مؤثرة في الوضع الوبائي.
وأكد أن الأمن الوبائي يوازي الأمن الغذائي والدوائي، وأن الوضع الحالي لا يستدعي الهلع، فهو حالة اعتيادية إذ تصيب 90 بالمئة من الفيروسات التنفسية الجهاز التنفسي العلوي، بينما قد يحتاج 10 بالمئة من المصابين لمراجعة الطبيب بسبب مضاعفات مثل التهاب الجهاز التنفسي السفلي.
وأوضح أن هناك علامات تستدعي مراجعة الطبيب فورا، منها آلام الصدر، وصعوبة التنفس الشديدة، وارتفاع الحرارة غير القابل للسيطرة بخافضات الحرارة المعتادة، وتشوش الوعي، وميل الشفاه والأطراف إلى اللون الأزرق.
وحذر من استعمال المضادات الحيوية دون وصفة طبية للحد من ظهور البكتيريا المقاومة، مبينا أنها تفيد في علاج الفيروسات التنفسية.
بدورها، قالت اختصاصية طب الفم في مستشفى البشير، الدكتورة بسمة القضاة، إن فصل الشتاء والبرد لهما تأثيرات واضحة على الصحة الفموية، مشيرة إلى زيادة حساسية الأسنان عند التنفس عن طريق الفم، ما يؤدي أحيانا إلى شعور الإنسان بألم مفاجئ نتيجة انكشاف طبقة العاج أو تراجع اللثة الذي يكشف الجذور الحساسة.
وأوضحت القضاة، أن الهواء البارد قد يفاقم مشاكل الالتهابات اللثوية، بما يظهر على شكل انتفاخ ونزيف في اللثة، إلى جانب تشقق الشفاه الناتج عن انخفاض درجات الحرارة.
وأشارت إلى أن ضعف المناعة في الشتاء يزيد من احتمالية الإصابة بالقلاع الفموي، الذي يظهر على شكل قرح مؤلمة قد تستغرق فترة شفاء تتراوح بين أسبوع وأسبوعين، مضيفة أن نقص المناعة قد يؤدي أيضا إلى تنشيط بعض الفيروسات الكامنة، ما يسبب ظهور بثور مؤلمة مليئة بالسوائل حول الشفاه، تعرف بـ"قروح الزكام" أو "بثور الحمى".
ونصحت القضاة، بتبني عدد من الإجراءات للحد من تأثير البرد على الصحة الفموية، منها التنفس عن طريق الأنف لتقليل تعرض الأسنان واللثة للهواء البارد، والتنظيف المستمر للأسنان باستخدام معجون يحتوي على الفلورايد، والحفاظ على رطوبة الفم بشرب الماء بانتظام، والعناية بالشفاه عبر استخدام مرطب وتجنب لعقها لتفادي التشققات.
وأوصت بتقوية المناعة عبر التقليل من السكريات وتناول الأغذية الغنية بفيتامين C وD، للحد من احتمالية الإصابة بالقلاع الفموي أو قروح الزكام.
من جانبه، أكد خبير التغذية المهندس إبراهيم الزق، أن اتباع نظام غذائي صحي خلال فصل الشتاء يعزز مناعة الجسم ويقي من الأمراض الموسمية، مشيرا إلى مجموعة من الأغذية الأساسية التي تسهم في تعزيز الصحة ومقاومة الأمراض.
وأوضح الزق، أن انخفاض درجات الحرارة يزيد من احتمالية الإصابة بالأمراض التنفسية، ما يجعل الاهتمام بتناول الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن المقوية للمناعة أمرا ضروريا.
وأشار إلى أهمية تناول الحمضيات مثل البرتقال والليمون لاحتوائها على "فيتامين C" يعزز إنتاج خلايا المناعة، إضافة إلى الجزر والبطاطا الحلوة الغنية بـ"فيتامين A" الضروري لصحة الأغشية المخاطية.
ولفت إلى دور العسل الطبيعي كمضاد للبكتيريا والفيروسات، والفواكه الغنية بمضادات الأكسدة مثل الرمان والتوت في مكافحة الالتهابات، مشددا على أهمية الثوم والبصل في مقاومة الجراثيم وتخفيف الاحتقان.
وأكد قيمة "الشوربات" الدافئة في تزويد الجسم بالطاقة والحفاظ على الترطيب، والأطعمة الغنية بأحماض أوميغا 3 مثل الأسماك والمكسرات لدورها في تقوية المناعة، إلى جانب الزبادي واللبن اللذين يدعمان البكتيريا النافعة في الأمعاء.
وعا إلى الجمع بين الغذاء المتوازن والنوم الكافي والنشاط البدني يشكل أفضل وسيلة للوقاية من أمراض الشتاء وتعزيز الصحة العامة.
--(بترا)