نبض البلد - ميناس بني ياسين
قبل يومين حين ظهر إيسكو في "بينيتو فيامارين” والجماهير ترفع لوحة ضخمة تُعلن تجديد عقده حتى 2028، كان المشهد أشبه بنهاية فيلم أو ربما بداية آخر جديد؛ لاعب عاش كل أشكال المجد، وكل أشكال السقوط ثم فجأة وجد النادي الذي أعاد له مكانته وإنسانيته قبل موهبته لكن للوصول لهذه اللحظة كانت رحلته مليئة بالحكايات والعقبات والأخطاء.
بيتيس 2025… من لاعب إلى قائد
عندما دخل إيسكو أرض الملعب في احتفالية التجديد كان يمشي كأنه أخيرًا يمشي على أرض يفهمه أهلها النادي الذي صدّق أنه لم ينتهِ، والجماهير التي هتفت لاسمه وهو في عز إصاباته، والمدرب الذي أعطاه الحرية التي لم يحصل عليها منذ سنوات.
في بيتيس ما عاد مجرد لاعب وسط وإنما "عقل الفريق”، قائد يسمعه الجميع، ورمز يشعر أنه ينتمي إليه.
إشبيلية.. الحفرة التي كادت تبتلع مسيرته
قبل بيتيس قضى إيسكو واحدًا من أصعب الفصول في حياته حيث التحق بإشبيلية وهو يظن أنه سيبدأ فصلًا جديدًا، لكن كل شيء كان يسير عكس اتجاهه؛ الفريق يعيش فوضى، المدربون يتغيّرون بسرعة، النتائج كارثية، والضغط في المدينة الأندلسية لا يرحم ثم جاءت القشة، "خلاف شخصي ومباشر بينه وبين المدير الرياضي مونشي خلاف قاسٍ، وضرب العلاقة بينه وبين الإدارة بمقتل" وجاءت لحظة الانفصال التي كانت مؤلمة وفجأة وجد نفسه بلا نادٍ، بلا مستقبل واضح، بلا ثقة ولأول مرة في حياته تملكه شعور الخوف من ان يختفي من المشهد.
ريال مدريد.. المجد الذي ابتسم كثيرًا لكنه عضّ أيضًا
قبل السقوط في إشبيلية عاش إيسكو واحدة من أعقد التجارب في عالم الكرة؛ أن تكون "موهبة ذهبية” في نادي مثل ريال مدريد فمن جهة عاش أجمل لحظات مسيرته، دوري أبطال، ألقاب تاريخية، جيل ذهبي، وجماهير عشقت لمساته، ومن جهة ثانية، عاش صراعات صعبة، مدربون لا يتفقون على دوره، فترات يجلس فيها على الدكة رغم جاهزيته، منافسة مع لاعبين كبار، ضغوط مدريد القاسية التي لا تنتهي.
إيسكو بنفسه اعترف لاحقًا أنه ارتكب أخطاء، وأن بعض فترات التراجع كان سببه هو، وسببه أيضًا خيارات فنية لم تساعده ومع الوقت وجد نفسه يفقد الدقائق، يفقد الدور، ويفقد مكانته، في مدريد لمس السماء لكنه لمس أيضًا الأرض.
ملقا.. أول مدينة قالت له "أنت لاعب كبير"
وقبل مدريد والضوء كانت هناك مرحلة ملقا المرحلة اللي شكّلت شخصيته، شاب صغير، موهوب، جائع للكرة، وجد في ملقا ملعبًا ومساحة ليقول.. "أنا لست مجرد لاعب وإنما مشروع نجم".
تفجّر مستواه، صار أهم لاعب في الفريق، وبصمته تركت انطباعًا قويًا جدًا في الليغا وهناك تحديدًا بدأ ريال مدريد يراقبه.
فالنسيا.. بداية الاحتراف الحقيقي
أما قبل ملقا كان هناك فالنسيا النادي اللي صقل موهبته، صعد من الأكاديمية، لعب للفريق الأول وهو مراهق تقريبًا، وبدأت العيون تتجه نحوه لكن رغم موهبته، لم يأخذ فرصة كاملة ليستقر ووصل لمرحلة بأنه لا بد من خطوة مختلفة حتى يكبر الحلم وكانت نادي "ملقا".
بينالمادينا.. بكرة كبيرة وحلم أكبر
طفل صغير في جنوب إسبانيا يركض خلف الكرة في أزقة بينالمادينا، يثبت أنه مختلف وكان واضحًا من البداية لمسة، رؤية، هدوء وكأنه يريد أن يثبت أنه لاعب مولود ولم يصنع، ومن هذه الملاعب الشعبية، بدأت رحلة اللاعب الذي عرفه العالم بإيسكو.
ولادة جديدة في بيتيس
بهذه الرحلة الطويلة وما بعدها وبعد صعود مدريد، وسقوط إشبيلية، وضياع الفترة بينهما
وصل إيسكو إلى ريال بيتيس.
النادي الذي لم يستقبله كلاعب منتهي، بل كلاعب "يستطيع العودة" ،بالمدرب بيليغريني الذي أعطاه دورًا واضحًا لأول مرة منذ سنوات، والجماهير التي احتضنته قبل أن يلمس الكرة، ما دفعه بنفسه أن يقول:
"شعرت أني ولدت من جديد" والنتيجة؛ أصبح يقدم كرة قدم تُذكر الجميع بالنسخة الأفضل من إيسكو، النسخة التي اشتاق لها العالم واليوم بعد تجديد عقده حتى 2028، أصبح واضحاً أن بيتيس ليست محطة عابرة بل المكان الذي أعاد له نفسه.