نبض البلد - عقد اليوم "مؤتمر العمالة المهاجرة: نحو رؤية وطنية شاملة لسياسات عادلة وحماية مستدامة " بمشاركة واسعة من ممثلي الجهات الحكومية والسفارات ومنظمات المجتمع المدني المحلية والدولية والنقابات العمالية وممثلي أصحاب العمل ومكاتب استقدام العمال المهاجرين.
ويأتي المؤتمر الذي يعقد للسنة الثانية على التوالي والذي نظمته الحملة الوطنية لنظام الهجرة العمالية البديل في إطار الجهود الهادفة إلى تعزيز الحوار الوطني حول سياسات الهجرة العمالية وتطوير بيئة العمل في الأردن بما يضمن العدالة والاستدامة لجميع العمال، وخاصة في القطاعات غير المنظمة مثل الزراعة والعمل المنزلي، التي تعتمد بدرجة كبيرة على العمال المهاجرين وتشهد تحديات خاصة تتعلق بالأجور والحماية القانونية والاجتماعية.
ناقش المؤتمر على مدار جلساته أبرز القضايا المرتبطة بأوضاع العمال المهاجرين، وهي: الحق في التنظيم النقابي، والضمان الاجتماعي، والسلامة والصحة المهنية، وتفتيش العمل، وحرية الحركة والتنقل، والأجور، وركز المشاركون على الفجوات التي ما زالت قائمة في التشريعات والممارسات والسبل العملية لتطوير السياسات القائمة بما يتوافق مع المعايير الدولية للعمل اللائق وبما يحقق التوازن بين احتياجات الاقتصاد الوطني وحماية حقوق العمال.
وتتكون الحملة الوطنية لنظام الهجرة العمالية البديل من تحالف يضم عددا من المنظمات، وهي المركز الأردني لحقوق العمل (بيت العمال)، ومركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان، وجمعية اتحاد المرأة الأردنية، والنقابة المستقلة لعمال الزراعة في الأردن، إلى جانب عمال مهاجرين من جنسيات متعددة يمثلون قطاعات مختلفة، ويعمل هذا التحالف منذ سنوات على تعزيز الحوار بين أطراف العمل وتطوير سياسات وطنية أكثر عدالة واستدامة في مجال الهجرة العمالية بما يضمن حماية حقوق جميع العمال وتحسين ظروفهم المعيشية في الأردن.
وفي ختام أعماله أصدر المؤتمر مجموعة من التوصيات الوطنية الشاملة التي تمثل خلاصة النقاشات والحوار بين مختلف أصحاب المصلحة. فقد دعا المؤتمر إلى إلغاء القيود التشريعية والتنظيمية التي تحد من حرية تأسيس النقابات والانضمام إليها، وتمكين جميع العمال بمن فيهم المهاجرون من ممارسة حقهم في التنظيم النقابي والمشاركة في قيادته انسجاما مع اتفاقية الحرية النقابية رقم (87). كما شدد على ضرورة مراجعة أنظمة النقابات الداخلية لضمان تمثيل الفئات الأكثر هشاشة مثل عاملات المنازل وعمال الزراعة وتعزيز التعاون مع منظمة العمل الدولية لتطوير تشريعات حديثة تعزز الحوار الاجتماعي والاتفاقيات الجماعية في القطاعات غير المنظمة.
وفيما يتعلق بالضمان الاجتماعي أوصى المؤتمر بإصدار قرار من مجلس الوزراء لشمول عاملات المنازل تحت مظلة الضمان الاجتماعي بجميع فروعه بما في ذلك الشيخوخة والعجز والوفاة وإصابات العمل والأمومة والبطالة إضافة إلى توسيع شمول عمال الزراعة ليشمل العمال الموسميين وغير الموثقين عبر آليات مرنة وسهلة التسجيل، كما دعا المؤتمر إلى إتاحة إمكانية نقل الاشتراكات واستمراريتها للعاملين المهاجرين عبر اتفاقيات ثنائية مع دولهم وتعزيز الوعي لدى أصحاب العمل بأهمية إشراك جميع العمال المشمولين بالقانون.
أما في مجال السلامة والصحة المهنية فقد شدد المؤتمر على ضرورة تطبيق تعليمات السلامة في القطاع الزراعي بفعالية أكبر من خلال حملات توعية لأصحاب العمل والعمال وتدريب المفتشين وتوفير الموارد اللازمة للتفتيش الميداني، كما أوصى بإصدار تعليمات قطاعية خاصة بعاملات المنازل تتضمن معايير الحماية من المخاطر الجسدية والكيميائية والنفسية وتضمين مفاهيم الصحة النفسية والحماية من العنف والتحرش في معايير السلامة المهنية، وأكد المشاركون على أهمية تطوير آليات إبلاغ آمنة وسرية عن المخاطر والحوادث تتيح للعاملات الوصول إليها دون خوف من الانتقام أو الترحيل.
وفيما يخص تفتيش العمل طالب المؤتمر بضرورة تعزيز قدرات جهاز التفتيش عبر زيادة موارده البشرية والمالية وإنشاء فرق متخصصة في تفتيش الزراعة والعمل المنزلي خاصة في المناطق النائية، كما دعا إلى اعتماد التفتيش الاستباقي بدلا من الاكتفاء بالشكاوى وتطوير آليات إبلاغ آمنة للعاملات المنزليات وتعزيز التنسيق بين أجهزة التفتيش ووحدة مكافحة الاتجار بالبشر ومؤسسة الضمان الاجتماعي لضمان حماية شاملة وفعالة لجميع العمال.
وفي محور حرية الحركة والتنقل شدد المؤتمر على أهمية إنهاء جميع الممارسات المرتبطة بنظام الكفالة وتمكين العمال من تغيير صاحب العمل أو القطاع دون اشتراط موافقته خصوصا في حالات الاستغلال أو انتهاء العقد، كما دعا إلى تطبيق العقوبات القانونية بصرامة على أصحاب العمل الذين يصادرون جوازات السفر أو يمنعون العمال من التنقل أو الإجازات وإتاحة حرية السكن المستقل للعمال والعاملات خلال الإجازات أو بعد انتهاء العقود وإلغاء تجريم العمال الذين يتركون أماكن العمل بسبب الانتهاكات مع ضرورة توفير قنوات حماية قانونية بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني وسفارات دول الأصل.
أما فيما يتعلق بمحور الأجور فقد دعا المؤتمر إلى توحيد الحد الأدنى للأجور لجميع العمال بغض النظر عن الجنسية أو القطاع وربطه بتكاليف المعيشة الفعلية في الأردن، إضافة إلى اعتماد زيادات سنوية دورية على الأجور تراعي معدلات التضخم والخبرة المكتسبة، كما أكد على ضرورة مراجعة الاتفاقيات الثنائية الخاصة بأجور عاملات المنازل لضمان توافقها مع مبادئ العدالة والمساواة وتعزيز التفتيش على التزام أصحاب العمل بدفع الأجور في مواعيدها بما في ذلك بدل العمل الإضافي وتمكين العمال من التفاوض الجماعي حول أجورهم من خلال نقاباتهم القطاعية واتفاقيات جماعية عادلة.
وأكد المنظمون أن هذه التوصيات تمثل خارطة طريق وطنية لتطوير سياسات العمالة المهاجرة في الأردن، وأن المرحلة المقبلة ستتركز على تحويل هذه التوصيات إلى إجراءات عملية بالتعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة بما يسهم في بناء بيئة عمل عادلة ويعزز التزام الأردن بالمعايير الدولية للعمل اللائق وحماية حقوق جميع العمال دون تمييز.