الملك في مقابلة غير عادية

نبض البلد -

أحمد الضرابعة

مقابلة غير عادية أجرتها قناة BBC مع جلالة الملك عبد الله الثاني قُبيل حضوره قمة شرم الشيخ للسلام، وضحت الرؤية الأردنية للأوضاع الحالية التي تشهدها المنطقة ومستقبلها وفقاً للمعطيات السياسية المتاحة.

أتاحت هذه المقابلة التي يبثها التلفاز البريطاني للأردن التأكيد على ثوابته الوطنية المتعلقة بالقضية الفلسطينية، ففي الوقت الذي تُطرح فيه حلول جزئية ومؤقتة وغير موثوقة ولا واقعية للتعامل مع قطاع غزة على نحو يُفتّت نواة الدولة الفلسطينية من الناحية السياسية أو الجغرافية، جاء التحذير الملكي الأردني من تداعيات الالتفاف على جوهر القضية الفلسطينية والخروج عن السكة القانونية والسياسية أثناء معالجتها، فحل الدولتين الذي يؤسس لقيام الدولة الفلسطينية والذي يستند إلى أسس شرعية دولية، لا يمكن استبداله - في المنظور الأردني - بأي حل آخر تفرضه إسرائيل أو الولايات المتحدة الأميركية بالقوة.

السياسة الأميركية الأخيرة لوقف الحرب في قطاع غزة وتحديد معالم اليوم التالي لها تعتمد على توظيف القوة بشكل مفرط، وهذا يجعل من أي صيغة للسلام تنوي فرضها في المنطقة فاقدة للجذور الشرعية التي توفر الاستدامة والقبول الشعبي له، وهو ما يعني أن المنطقة ستظل حاضنة للصراع الذي تتسبب به إسرائيل بسبب تجاهلها المستمر لمصالح الفلسطينيين والعرب وغيرهم من شعوب المنطقة.

خصص جلالته القليل من الوقت في مقابلته مع قناة BBC لانتقاد القيادة الإسرائيلية وإعلانه عدم ثقته فيها؛ لأن تكوينها المتطرف برئاسة نتنياهو لا يسمح بطرح الأفكار المتعلقة بالسلام العادل والشامل، ولذلك فإن دول مثل الأردن ومصر على وجه التحديد ترى أن الإطاحة بالائتلاف الإسرائيلي الحاكم قد يعيد فتح المسارات السياسية التي اُغلقت بسبب سياساته المتطرفة، مع أنه لا يمكن الرهان على أن البديل السياسي الذي سيتولى الحكم في إسرائيل بعد نتنياهو سيكون طرفاً مؤهلاً لاستئناف المباحثات معه بشأن مبادرة السلام العربية والاتفاق على إقامة الدولة الفلسطينية، خصوصاً مع انزياح السلطة والمجتمع في إسرائيل نحو اليمين أكثر من أي وقت مضى.

كان التحذير الملكي من أن فشل التوصل لعملية سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين سيحكم على المنطقة بالهلاك بمثابة ناقوس خطر في وجه التراخي الدولي إزاء ضمان الحقوق الفلسطينية المشروعة، لأنه سينتج المزيد من التصعيد الذي قد يكون لتداعياته تأثير أحجار الدومينو، والتي ستتجاوز الجغرافيا الفلسطينية لتشمل الإقليم بأسره، وتغذي مشاعر الغضب والتطرف الذي لطالما كان هاجساً بالنسبة للأميركيين والأوروبيين