نبض البلد -
عقدت مبادرة نون للكتاب جلستها الثانية والثلاثين في مكتبة عبد الحميد شومان بجبل عمان يوم السبت الثلاثين من آب، حيث استضافت الكاتب والأكاديمي الدكتور باسم إبراهيم الزعبي في نقاش حول روايته " أنا يوسف يا أبي". قدمت الجلسة الأستاذة سماح موسى، وأدار الحوار الناقد أسيد الحوتري، فيما قدمت الدكتورة فداء أبو فردة قراءة نقدية بانورامية تناولت المحاور الرئيسة في الرواية.
شهدت الجلسة تفاعلاً لافتاً مع الحضور، إذ ركز النقاش على صورة الأسرة في النص وما اعترى بنيتها من هشاشة وانقسام انعكس فيه الواقع السياسي والاجتماعي على الحياة الخاصة للشخصيات، حيث عرض الكاتب أسرة عون وزوجته (غالينا) وأبنائهما بوصفها مرآة للتصدعات العاطفية والاجتماعية الناجمة عن الخيانة والانعزال وفقدان التواصل بين أفرادها. وقد ناقشت الناقدة بصورة خاصة صورة الأسرة والدور الذي لعبته غالينا في انهيارها، بما جعلها نقطة محورية في البناء السردي. كما عرجت على عتبات النص ووضحت الدلالات التي تحملها بين طياتها.
هذا وقد أشارت أبو فردة إلى سيميائية أسماء الشخصيات ومدلولاتها، وما تحمله من أبعاد رمزية تنسجم مع صراعاتهم الداخلية والخارجية، وتوقفت عند الصور البلاغية التي زخرت بها الرواية بوصفها وسيلة لإضفاء بعد جمالي ومعنوي على السرد، وجعل اللغة عنصراً موازياً للأحداث.
وتناول النقاش كذلك الصراع الطبقي بين العمال وأصحاب رؤوس الأموال، حيث صورت الرواية استغلال الشركات للعمال وغياب العدالة الاجتماعية في ظل الرأسمالية المتوحشة، مقابل إشارات إلى تجربة الاشتراكية بوجهيها الإيجابي والسلبي. وبرزت شخصية عون بوصفها تمثل الوعي المأزوم للعامل العربي المهاجر الممزق بين حاجته للرزق ورفضه للظلم.
وتطرق الحضور إلى عنصر التشويق في النص، من خلال الغموض والأسئلة المفتوحة والتوتر الدرامي وتعدد الحبكات التي نسجت خيوطاً متداخلة بين السرد الواقعي والاستدعاءات السياسية والاجتماعية، وهو ما منح الرواية بعداً إنسانياً يعكس قلق الفرد في مواجهة أزمات الواقع.
واختتمت الجلسة بمداخلات من الحضور حول الأبعاد الفكرية والرمزية في الرواية، ودورها في طرح أسئلة حول الأسرة والعدالة والهوية، بما يؤكد أن العمل يشكل مرآة لوجع إنساني ممتد يتجاوز حدود المكان والزمان. وفي ختام النقاش، تم التوجه بالشكر للحضور الكريم وللمشاركين المبدعين، ولإدارة مكتبة عبد الحميد شومان على دورها الكبير في دعم المشهد الثقافي الأردني، كما جرى تكريم الروائي الدكتور باسم الزعبي بدرع تذكارية، وتكريم الناقدة الدكتورة فداء أبو فردة بشهادة تقديرية، والتقاط صورة جماعية ختاماً للفعالية.