حسين الجغبير
لا يكتفي الاردن بتصريحات الرفض والتنديد على ما ترتكبه دولة الاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس المحتلة.
فعصر التنديدات والرفض والشجب والاستنكار لم تعد تجدي نفعا مع استمرار حرب الابادة الصهيونية في قطاع غزة وقتلها اكثر من ٦٠ الف فلسطيني على مدار عامين، فيما لا تكتفي الحكومة المتطرفة بمساعي اعادة احتلال القطاع وتهجير سكانة بحجة محاربة حماس، بل بدأت بالاعلان عن نواياها بسعيها لتحقيق وهم "اسرائيل الكبرى"، والتي تمتد لاجزاء من الاردن وسورية ومصر، كما صرح نتنياهو واعضاء في حكومته.
ورأينا كيف تنفذ دولة الاحتلال خطتها عبر محاولة عزل دول بالمنطقة عبر اضعافها، فشنت حربا على لبنان، واستولت على اراضي من سورية مستغلة تغيير النظام هناك، الى جانب حربها مع ايران.
على مدار عشرات السنين والعرب لا يحركون ساكنا تجاه دولة الاحتلال واكتفوا باجتماعات قمم عربية دورية في الدول العربية، اكتفت ببيان ختامي يحمل مضمونا لم يتحقق منه شيء حتى يومنا هذا.
اما اردنيا، فقد ادرك جلالة الملك ان هذا لا يكفي، وان الاشتباك مع العالم هو انجع طريقة لتوضيح ما يجري بالمنطقة ويعري سياسة الصهاينة، واطماعهم وانهم اساس عدم استقرار المنطقة.
منذ سنوات طويلة جدا، والاردن يقود حضورا للقضية الفلسطينية وملفات المنطقة في ارجاء العالم، حيث ان جلالة الملك لا يهدأ دون ان يواصل جولاته التي أتت بثمارها في شرح الرواية الفلسطينية وبالتالي التأثير على وجهة النظر الغربية بعد عقود من سيطرة الرواية الصهيونية الكاذبة، مستغلا ما يجري من المنطقة والرفض الشعبي العالمي والسياسي الرسمي لسياسة دولة الاحتلال التي ادرك العالم انها تقوم بحري ابادة في غزة.
الدروس المستفادة من النهج الاردني بنقل الرواية العربية وكشف زيف الرواية الصهيونية عبر اجتماعات متواصلة في كل مكان، تتمثل بأهمية ان يقوم القادة العرب ايضا بدورهم بهذا الاطار وعدم الانكفاء على انفسهم والاكتفاء بالتنديد والشجب.
السكوت عما يجري وعدم التحرك الفعلي يعطي الكيان الصهيوني مساحة واسعة للتحرك كيف ما يشاء، كما سيعود بالضرر على ذات الدول التي هي صامتة اليوم لكنها ستجني ثمار هذا الصمت عندما يصلها وباء الصهاينة ويبدأ بالتأثير عليها وتهديد مصالحها.
التاريخ السياسي للمنطقة اثبت ان كل ما خذر منه جلالة الملك قد حدث، فبات العالم يثق بالرواية الاردنية، ونريده أيضا ان يستمع للصوت العربي الرسمي لان الاردن ليس المعني الوحيد باستقرار المنطقة.