العتوم: قرار يحمل أبعاداً سياسية واقتصادية واسعة
عايش: الروس يشكّلون شريحة مهمة من زوار المملكة
هلالات: المنافسة الإقليمية تتطلب تطوير المنتج السياحي
الأنباط – مريم البطوش
يشكّل قرار الأردن وروسيا إلغاء التأشيرة لمواطني البلدين خطوة دبلوماسية واقتصادية لافتة، تستهدف تعزيز الحركة السياحية وتنشيط التبادل التجاري، إضافة إلى توطيد الروابط السياسية والدبلوماسية بين عمّان وموسكو. غير أن خبراء السياسة والاقتصاد والسياحة يرون أن نجاح هذه الخطوة يتطلب تطوير المنتج السياحي الأردني وتوفير حوافز عملية تجعل من المملكة وجهة منافسة أمام أسواق إقليمية أخرى مثل تركيا ومصر.
السياحة الروسية قيمة مضافة
ويبين الدكتور حسام العتوم، خبير السياسة الروسية والدولية، أن الأردن بادر منذ وقت مبكر إلى إلغاء التأشيرة من جانب واحد للروس القادمين إلى عمّان، قبل أن ترد موسكو بالمثل مؤخرًا بجهود مباشرة من السفارة الروسية في عمان. ويرى العتوم أن الخطوة ليست مجرد تسهيل سياحي، بل تحمل أبعاداً اقتصادية وتعليمية ودبلوماسية تسهم في تعزيز العلاقات الثنائية بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأكد أن السياحة الروسية تمثل قيمة مضافة للسوق الأردني، في حين تحمل السياحة الأردنية إلى روسيا بعداً ثقافياً واقتصادياً متبادلاً. كما أشار إلى أن العلاقات السياسية بين البلدين تتسم بتنسيق وثيق في الملفات الإقليمية والدولية، بما في ذلك الموقف المشترك من القضية الفلسطينية والتمسك بالقانون الدولي كمرجعية لحل النزاعات.
آثار إيجابية
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي حسام عايش أن الإعفاء من التأشيرة قد ينعكس إيجابًا على الحركة السياحية والتبادل التجاري بين البلدين، لافتًا إلى أن السياح الروس يشكّلون شريحة مهمة من الزوار القادمين إلى الأردن.
ويقرّ عايش بأن العقوبات المفروضة على روسيا قلّصت من القدرة الشرائية لبعض مواطنيها، إلا أن إعفاء التأشيرة يفتح المجال أمام فئة قادرة على السفر، ما قد يعزز الإيرادات السياحية الأردنية. لكنه شدد على ضرورة مواكبة هذا التطور بتأمين وسائل النقل، وخاصة الرحلات الجوية منخفضة الكلفة، إلى جانب تعزيز متطلبات الأمن السياحي.
وأضاف أن الأردن، رغم عدم وجود قيود مباشرة على علاقاته مع موسكو، يضع في اعتباره ارتباطاته الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ما يستدعي إدارة هذا الانفتاح بحذر وضوابط واضحة. واعتبر عايش أن أي تحسن محتمل في العلاقات الأمريكية – الروسية سيضاعف من فرص الاستفادة، وقد يفتح الباب أمام عائدات سياحية كبيرة للأردن.
إنجاز دبلوماسي وسياحي
أما الخبير السياحي حسين هلالات، فاعتبر أن الاتفاقية تمثل إنجازًا دبلوماسيًا وسياحيًا، لكنها لم تُترجم حتى الآن إلى زيادة ملموسة في أعداد السياح الروس. وأوضح أن المنافسة ما تزال لصالح وجهات مثل تركيا ومصر، بسبب ارتفاع الأسعار في الأردن وغياب برامج "الكل شامل” التي يفضلها السائح الروسي، فضلًا عن صعوبة الحجز والدفع في ظل العقوبات، وارتفاع كلفة المعيشة محليًا.
وأشار هلالات إلى أن الأردن يمتلك مقومات جذب استثنائية من البتراء ووادي رم إلى البحر الميت والعقبة، إضافة إلى البنية التحتية والفنادق الحديثة، إلا أن تقديم المنتج السياحي لا يزال بحاجة إلى تطوير بما يتماشى مع متطلبات السوق الروسية. ودعا إلى توفير قنوات دفع بديلة، وإطلاق باقات سياحية شاملة بأسعار تنافسية، إلى جانب فتح رحلات مباشرة من روسيا إلى العقبة لتقليل الكلف وتسهيل الوصول.
وختم بالتأكيد أن الأردن قادر على أن يكون وجهة مفضلة للسائح الروسي إذا ما جرى تطوير المنتج السياحي بصورة مدروسة، محذرًا من أن استمرار الوضع الحالي سيبقي المنافسة لصالح وجهات أخرى.