نبض البلد -
ما أقدم عليه الكنيست الإسرائيلي بإقراره مشروع فرض ما يُسمى بـ"السيادة الإسرائيلية" على الضفة الغربية ليس مجرد (تجاوز سياسي)، بل انفجار (وقح) في وجه القانون الدولي، ومحاولة مكشوفة لشرعنة الاحتلال وتكريس سياسة الأمر الواقع بالقوة.
القرار يأتي في لحظة مشبعة بالدم والدمار في غزة، ووسط تصاعد عمليات القتل والتهجير، ما يكشف عن نية مبيّتة لتصفية ما تبقى من المشروع الوطني الفلسطيني، بضوء أخضر اسرائيلي داخلي وغياب شبه كامل لردع دولي حقيقي.
الأردن أكّدت أن فرض السيادة على أراضٍ محتلة يشكل انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي وتهديداً للأمن الإقليمي، ويمثّل خرقاً مباشراً لبنود معاهدة وادي عربة، لا سيما ما يتعلق بالضفة الغربية والقدس واللاجئين، وأن الضفة أرض فلسطينية خالصة، والقرار الإسرائيلي باطل قانونياً وسافر، ويشكّل خرقاً لمعاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية.
مصر رفضت القرار بشكل قاطع، مؤكدة أنه "يفتقر لأي شرعية"، السعودية من جانبها، وصفت القرار بأنه "انتهاك خطير"، داعية المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته في لجم الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة. أما الجامعة العربية فوصفت القرار بأنه "عدوان سياسي يستهدف تصفية الحق الفلسطيني ويهدد بانفجار إقليمي واسع".
قرار الكنيست ليس خطوة عابرة. إنه اختبار حقيقي لصلابة اتفاق (وادي عربة)، ولمدى التزام إسرائيل بأسس السلام. ما يُطرح على الطاولة اليوم لا يهدد الفلسطينيين وحدهم، بل يضع الأردن والمنطقة بأكملها في مواجهة مع دولة تتنكر لكل التزاماتها الدولية.
الرسالة الأردنية والعربية: لا شرعية تحت الاحتلال وأكدت أن فرض السيادة على الضفة لن يُمرّ بصمت، وأن "الرد الدبلوماسي" وحده لم يعد كافياً، فالقرار الإسرائيلي يضرب في العمق كل مسارات السلام، ويكشف زيف الخطاب الإسرائيلي عن موضوع التفاوض.
المطلوب اليوم وبصراحة، هو موقف عربي موحد يتجاوز البيانات الإنشائية إلى أدوات ضغط فعلية: مقاطعة، تجميد علاقات، أو على الأقل مراجعة فورية للاتفاقيات القائمة، وعلى رأسها اتفاقات السلام التي تتحول مع الوقت إلى غطاء لشرعنة الاحتلال بدل كبحه.
الخلاصة: لن تمرّ السيادة المزيفة فما حدث في الكنيست ليس قراراً تشريعياً داخلياً، بل (إعلان عداء) صريح لفلسطين واستهانة بالأردن وتحدٍ للموقف العربي، واستخفاف بالقانون الدولي.
الرد الأردني جاء واضحاً وصريحاً. والرد العربي لا بد أن يرقى إلى مستوى التهديد. أما المجتمع الدولي، فامتحانه اليوم في القدس والخليل وغزة... وليس في قاعات المؤتمرات.
فإما أن تُكسر هيمنة الغطرسة الإسرائيلية، أو أن يدفع الإقليم مجدداً ثمن صمته.