"التان".. موضة جمالية أم وسيلة للتعامل مع التوتر؟

نبض البلد -

 

الخطيب: عدد حالات الإصابة بسرطانات الجلد بسبب "التان" ضئيلة

التايه: لا فوائد طبية لـ"التان".. وأضراره تطال البشرة والحمض النووي

الصالحي: التان وسيلة للهروب من القلق وضغوط الحياة اليومية

 

الأنباط – كارمن أيمن

تحوّل "التان" إلى هوس شائع بين الشباب والفتيات على حدٍّ سواء مع حلول ذروة الصيف، مدفوعًا بموجات ترويجية عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومعايير الجمال العالمية التي تروج للبشرة البرونزية باعتبارها أكثر جاذبية. ورغم مظهره الجمالي، إلا أن "التان" قد يحمل في طياته آثارًا صحية خطيرة في حال ممارسته دون احتياطات، وهو ما يثير نقاشًا متزايدًا حول مخاطره وفوائده النفسية والاجتماعية.

ورغم أن "التان" يمنح شعورًا بالثقة بالنفس لدى البعض، إلا أن الأطباء يحذرون من تبعاته الجسدية، خاصة في حال التعرض الطويل لأشعة الشمس دون حماية كافية، ما قد يؤدي إلى الحروق، والتصبغات، وتسريع شيخوخة الجلد، وحتى زيادة خطر الإصابة بسرطانات الجلد.

 

فترات خطرة.. وممارسات خاطئة

ويؤكد استشاري الأورام والكشف المبكر الدكتور سامي الخطيب أن التعرّض التدريجي للشمس في فترات مناسبة، مع استخدام واقٍ شمسي ذي جودة عالية، لا يشكل خطرًا كبيرًا على الجلد، بل يساعد الجسم على إفراز مادة "الميلاتونين" التي تحمي من الأشعة الضارة.

ويشدد الخطيب على ضرورة تجنّب التعرض المباشر للشمس ما بين الساعة 12 ظهرًا و3 عصرًا، كون الأشعة في تلك الفترة عامودية وقد تكون مسببة للسرطان، مشيرًا إلى أن حالات الإصابة بسرطان الجلد بسبب "التان" لا تزال ضئيلة في الأردن.

 

أضرار جسدية مؤكدة

من جهته، أوضح طبيب الجلدية الدكتور محمد التايه أن التان، سواء الطبيعي أو الصناعي، ينطوي على مخاطر صحية كبيرة. ففي حين يؤدي التعرّض الطويل للشمس إلى حروق وتصبغات، فإن أجهزة "السولاريوم" المستخدمة في التسمير الصناعي أكثر ضررًا، كون أشعةUVA فيها تفوق قوة الشمس بثلاثة أضعاف، ما يزيد احتمالية تلف الحمض النووي ورفع خطر الإصابة بالسرطان.

وأضاف أن "التان" لا يحمل أي فوائد طبية للبشرة، وأن كل ما يجنيه الشخص هو مظهر جمالي مؤقت يقابله ضرر دائم، مشددًا على ضرورة وضع واقٍ شمسي كل ساعتين على الأقل، وتجنّب التعرض المفرط.

وحذر التايه فئات معينة من ممارسة "التان" مثل: المصابين بسرطان الجلد سابقًا، أو الذين يعانون من أمراض مناعية، أو حساسية ضوئية، أو النساء الحوامل والمرضعات، وكذلك من يتناول أدوية تتفاعل مع أشعة الشمس.

 

"التان".. وسيلة للهروب من الضغوط

في السياق النفسي، يرى الطبيب النفسي الدكتور أشرف الصالحي أن الإقبال على "التان" لا يقتصر على البعد الجمالي، بل يعكس أحيانًا محاولات للهروب من التوتر والضغط النفسي. فالشباب، بحسب الصالحي، باتوا يربطون التسمير بعطلات الشواطئ والاسترخاء، ويرون في البشرة البرونزية علامة رفاه وأناقة.

وأشار الصالحي إلى أن منصات التواصل تُسهم في ترسيخ صورة نمطية خاطئة للبشرة البرونزية "المثالية"، بفعل الفلاتر وبرامج التعديل التي تروّج لصورة غير واقعية، ما يخلق شعورًا بالنقص وعدم الرضا عن لون البشرة الطبيعي.

وأضاف أن السعي المفرط وراء "التان" قد يؤدي إلى اضطراب في صورة الجسد، إذ يشعر الشخص بعدم الكفاية مهما بلغ درجة التسمير، ما يقوده لاحقًا إلى ندم أو إحباط حين تظهر الأعراض السلبية مثل التصبغات أو التجاعيد المبكرة.

ولفت إلى أن بعض "التريندات" المنتشرة حول أنماط معينة من التان تدفع كثيرين لتجربتها دون إدراك عواقبها الصحية، موضحًا أن بعض التقاليد تعتبر الإفراط في التان مؤشرًا على قلة الوعي أو الإهمال الصحي، رغم ازدياد الوعي بأضرار أشعة الشمس.

 

بين لونين.. تناقض اجتماعي

ورغم الانتشار الواسع لموضة التسمير، أشار الصالحي إلى وجود شريحة من المجتمع الأردني لا تزال تُفضّل البشرة الفاتحة، وتعتبرها معيارًا للجمال، ما يُدخل الشباب في صراع داخلي وضغوط متضاربة تجاه مظهرهم الخارجي.