عايش: اتجاهات الاتفاقيات التجارية ستحدد مؤشرات أسعار الذهب
أبو ديه: لا بوادر لتهدئة سياسية أو اقتصادية في المنطقة والعالم والذهب سيحافظ على أسعاره
الأنباط – مي الكردي
وسط اقتراب انتهاء المهلة المحددة للمفاوضات التجارية بشأن الرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة، والمقررة في التاسع من تموز بعد انطلاقها في الثاني من نيسان، شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا بنسبة 0.8% لتصل إلى 3,328.71 دولار، محاولةً تعويض الخسائر التي لحقت بها الأسبوع الماضي بعد إعلان وقف الحرب بين إسرائيل وإيران، والذي تسبب بهبوط بنحو 1.5% في سعر المعدن النفيس.
ورغم إعلان واشنطن عن توصلها إلى اتفاق تجاري مع الصين في ملف المعادن الأرضية النادرة، إلى جانب إبرام صفقة تجارية مع بريطانيا، لا تزال أسعار الذهب تتأثر بانحسار التوترات السياسية والأمنية، ما أضعف من زخمها القياسي، وسط توقعات بوجود توجه دولي لتوقيع صفقات تخفف من تبعات التوترات الجيوسياسية، خاصة بعد الحرب الإسرائيلية – الإيرانية، والسعي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
لكنّ حرب الرسوم الجمركية التي تشنها الولايات المتحدة على حلفائها ما زالت تُلقي بثقلها على حركة الذهب عالميًا، في ظل مساعٍ من الدول لإبرام اتفاقيات جديدة مع الإدارة الأميركية. وقد صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب في وقت سابق، بأنه لا يرى ضرورة لتمديد المهلة المحددة للتوصل إلى اتفاقيات، مشددًا على ضرورة إبرامها قبل التاسع من تموز لتجنب فرض رسوم جديدة.
ونقلت صحيفة "فايننشال تايمز" في تقرير حديث، أن المسؤولين التجاريين الأميركيين يتجهون نحو إبرام اتفاقيات محدودة النطاق، بهدف تحقيق مكاسب سريعة قبيل انتهاء المهلة، فيما لا تزال الإدارة تدرس فرض تعريفات جديدة على قطاعات اقتصادية رئيسية، قد تصل نسبتها إلى 50% في حال فشل التوصل لاتفاق.
وعلى صعيد التوقعات المستقبلية لأسعار الذهب، تباينت الآراء بين مؤسسات مالية كبرى، إذ توقعت "سيتي غروب" انخفاض الذهب دون مستوى 3,000 دولار خلال النصف الثاني من 2025، بينما أبقى "بنك أوف أمريكا" على توقعاته الصاعدة بوصول الذهب إلى 4,000 دولار للأونصة بحلول 2026.
الذهب بين السيناريوهات السياسية
وفي تفسيره لتباين التوقعات، يرى الخبير الاقتصادي حسام عايش أن هذه القراءات تعتمد بالدرجة الأولى على تطورات الأحداث السياسية والاقتصادية والجيوسياسية العالمية، مشيرًا إلى أن التغير المحتمل في قيادة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يشكّل أحد المؤثرات، خاصة في ظل الانتقادات الحادة التي يوجهها ترامب للرئيس الفيدرالي جيروم باول، والتي دعا فيها إلى خفض الفائدة بنسبة 1%، معتبرًا أن باول "يرتكب خطأً كبيرًا" ويجب أن يستقيل.
وأوضح عايش أن التوقعات الإيجابية لانخفاض أسعار الذهب ترتبط بإبرام اتفاقيات جمركية أميركية جديدة، ما قد يخفف من التوترات التجارية ويقلل من الحاجة إلى الاستثمار التحوطي في الذهب، في حين أن التوقعات السلبية ترتكز على الشكوك حول استدامة هذه الاتفاقيات، واحتمال تجدد النزاعات التجارية، الأمر الذي سيدفع الذهب مجددًا نحو الارتفاع.
وأشار إلى أن العالم يعيش حالة ترقب حذرة، في ظل غموض يحيط بمسارات الاتفاقيات التجارية وتأثيرات الحرب الإسرائيلية – الإيرانية، مؤكدًا أن مصير أسعار الذهب بات مرهونًا باتجاهات تلك الاتفاقيات؛ فالتفاهمات الإيجابية ستدفع المعدن للتراجع، بينما التصعيد سيعيده إلى مسارات الصعود.
الذهب ومخاوف الإقليم
من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي منير أبو ديه أن احتمالية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة سيكون له أثر محدود على أسعار الذهب، نظرًا لاستمرار التهديدات الإقليمية والعالمية، إلى جانب تأثير حرب الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على حلفائها والتي انعكست إيجابًا على أسعار الذهب.
وبيّن أبو ديه أنه حتى في حال نجاح جهود التهدئة في غزة، فإن المخاوف من عودة التصعيد بين إسرائيل وإيران لا تزال قائمة، خاصة في ضوء التهديدات الأميركية والإسرائيلية بضرب إيران مجددًا في حال استأنفت عمليات تخصيب اليورانيوم، مرجحًا عودة الصراع بين الطرفين في المستقبل القريب.
وأكد أن التهدئة المرتقبة في غزة لن تؤدي إلى تراجع كبير وسريع في أسعار الذهب، في ظل التحديات والاضطرابات القائمة، خصوصًا مع بروز مخاوف من ركود اقتصادي نتيجة الحرب التجارية. وختم أبو ديه حديثه بالتشديد على أنه لا توجد مؤشرات كافية على تهدئة سياسية أو اقتصادية، ما يُرجّح حفاظ الذهب على مستوياته المرتفعة، إلا إذا اتجه المستثمرون إلى أسواق المال والعقار والتجارة، مما قد يؤدي إلى تراجع الطلب على الذهب.