لماذا تجاهل معهد التمويل الدولي التأثيرات الاقتصادية على الأردن في ظل الحرب الإقليمية؟

نبض البلد -

أبو ديه: الأردن يفتقر للتقارير الإخبارية حول تداعيات الحرب اقتصاديًا
عايش: المملكة ليست بمنأى عن التأثيرات الاقتصادية جراء الحرب

الأنباط – مي الكردي

في ظل تصاعد وتيرة الحرب الإسرائيلية الإيرانية وتوسّع تداعياتها الاقتصادية على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أثار استثناء الأردن من تقرير معهد التمويل الدولي (IIF) المنشور في 18 حزيران 2025، تساؤلات وانتقادات واسعة بين خبراء الاقتصاد المحليين، إذ لم يأتِ التقرير على ذكر التأثيرات المحتملة أو الحاصلة على الاقتصاد الأردني، بالرغم من وقوع المملكة في قلب الجغرافيا المتأثرة مباشرة بالصراع.

اللافت في التقرير – الذي حصلت "الأنباط” على نسخة منه – أنه يتناول بالتفصيل تداعيات الحرب على اقتصادات مثل لبنان ومصر والعراق، في حين يغيب الأردن عن خارطة التقييم، ما دفع مختصين إلى اعتبار هذا الاستثناء خللًا في الرصد والتحليل أو نتيجة لغياب المعطيات المحلية المحدثة في التقارير الدولية.

الخبير الاقتصادي منير أبو ديه أرجع غياب الأردن عن التقرير إلى "نقص التقارير الدورية والبيانات الميدانية التي ترصد بدقة انعكاسات الحرب على الأردن”، مشددًا على أهمية أن يلعب الإعلام المحلي والخبراء دورًا أكثر فاعلية في إيصال الصوت الأردني إلى المؤسسات الدولية، عبر تقديم تحليلات محدثة وتقديرات مبنية على الواقع.

وأشار أبو ديه إلى أن الأردن ليس فقط متأثرًا بالحرب، بل "في قلب العاصفة”، لاسيما مع عبور الصواريخ والمُسيّرات الأجواء الأردنية، وتأثير ذلك المباشر على القطاعات الاقتصادية الحيوية، وعلى رأسها النقل الجوي، والتجارة البحرية، والاستهلاك المحلي.

أما الخبير الاقتصادي حسام عايش، فوصف استثناء الأردن من تقرير "معهد التمويل الدولي” بأنه "غير منطقي وغير موضوعي”، معتبرًا أن الأردن من أكثر الدول انفتاحًا وتأثرًا بالتقلبات الخارجية، "فهو يستورد ضعف ما يُصدر، وأي خلل في سلاسل التوريد أو ارتفاع بأسعار الطاقة والمواد الأساسية يترك أثرًا فوريًا على الاقتصاد المحلي”.

وحذر عايش من التداعيات المحتملة لتوقف إمدادات الغاز الإسرائيلي – الذي تعتمد عليه المملكة – إضافة إلى تقلبات أسعار النفط عالميًا، معتبرًا أن كل هذه العوامل كافية لاعتبار الأردن من الدول المتضررة، وليس المُستثناة من آثار الحرب.

ورغم امتلاك الأردن مخزونًا استراتيجيًا من المواد الغذائية الأساسية والقمح يكفي لعام كامل، واحتياطيات من المشتقات النفطية تكفي شهرين، إلا أن تلك المؤشرات الإيجابية لا تعني، بحسب عايش، أن المملكة محصنة من التداعيات، "بل يجب قراءة الوضع بدقة وربط المؤشرات بالواقع الجيوسياسي المحيط”.

ويشير عايش إلى أن الحرب ألقت بظلالها كذلك على حركة الشحن الجوي والسياحة، التي كانت تسجل نموًا ملموسًا في الأشهر الخمسة الأولى من العام، قبل أن تبدأ بالتراجع تحت وطأة التصعيد.

ما وراء التجاهل؟

قد يعكس غياب الأردن عن تقرير معهد التمويل الدولي أحد أمرين، إما إغفالًا غير مبرر في الرصد والتحليل، أو خللًا في تدفق المعلومات والبيانات من الداخل الأردني نحو مراكز القرار الدولية، وهنا تكمن أهمية أن تعمل الجهات المعنية، من مراكز أبحاث وهيئات اقتصادية وإعلام محلي، على سدّ هذه الفجوة.

فالأردن وإن كان يمتلك بعض عناصر المناعة الاقتصادية، إلا أنه ليس بمنأى عن تداعيات حروب المنطقة، ولا يجب أن يُغفل اسمه في تقارير دولية ترصد مستقبل المنطقة الاقتصادي وسط حرائق الجغرافيا والسياسة.