نبض البلد -
عبيدات: التربية الإعلامية تعزز الوعي وغيابها خطر كبير
خويلة: لا بد من قدوات إعلامية لترسيخ السلوك المسؤول
الأنباط – شذى حتاملة
في ظل تسارع وتيرة التطور الرقمي، والانتشار الهائل للمعلومات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تبرز أهمية التربية الإعلامية كضرورة ملحة لمواجهة التضليل وتعزيز التفكير النقدي، لا سيما في أوساط الطلبة.
ورغم إدراج مفاهيم التربية الإعلامية بشكل جزئي في بعض مدارس الأردن، إلا أن غياب منهاج دراسي متكامل وعدم وجود كادر مؤهل من معلمين ذوي خلفيات إعلامية، يشكل تحديًا رئيسيًا أمام تحقيق أهدافها التوعوية والتربوية.
وتقتصر الجهود الحالية في هذا المجال على مبادرات غير رسمية وبرامج تدريبية محدودة، ما يثير تساؤلات حول غياب خطة وطنية واضحة لإدماج التربية الإعلامية ضمن المنظومة التعليمية بشكل ممنهج.
وفي هذا السياق، حاولت صحيفة "الأنباط” التواصل مع المركز الوطني لتطوير المناهج للوقوف على أسباب عدم توفير منهاج رسمي لهذه المادة، إلا أن جميع محاولات الاتصال لم تلقَ استجابة رسمية.
عبيدات: التربية الإعلامية منظومة مجتمعية شاملة
ويرى الخبير التربوي الدكتور ذوقان عبيدات أن التربية الإعلامية يجب أن تُدرّس على يد مختصين، لا أن تُسند إلى معلمين غير مؤهلين في هذا المجال، معتبرًا أن الخلل يكمن في تصور من صاغوا المادة، إذ يرونها كمادة مستقلة بحصص محددة، في حين أن الأنسب هو دمجها كمهارات تواصل وتحليل ونقد ضمن المباحث المختلفة.
ويؤكد عبيدات أن التربية الإعلامية لا تقتصر على الطلاب فحسب، بل هي منظومة مجتمعية شاملة تعزز الوعي والحوار، مشيرًا إلى أن غيابها يؤدي إلى تراجع في مهارات التفكير والبحث عن الحقيقة، ما يشكل خطرًا كبيرًا على وعي الطلبة والمجتمع بأكمله.
ولفت إلى أن كثيرًا من المعلمين لا يمتلكون الأدوات أو المعرفة الكافية لتدريس التربية الإعلامية بشكل فعّال، داعيًا إلى ضرورة تدريب كوادر متخصصة قادرة على إيصال المفاهيم الإعلامية بطريقة تربوية وعملية.
خويلة: التربية الإعلامية تنمّي التفكير النقدي وتحد من التطرف
من جانبه، أكد الدكتور محمد خويلة، المتخصص في علم الاجتماع الإعلامي، أن التربية الإعلامية لم تعد ترفًا، بل أصبحت حاجة ضرورية في ظل انغماس الطلبة في بيئات إعلامية رقمية مشبعة بالمعلومات والمضامين المتداولة، والتي قد تحمل أفكارًا ومواقف لا تتوافق مع ثقافتهم أو قيمهم.
وأوضح خويلة أن غياب منهاج واضح يؤدي إلى عجز الطلبة عن التمييز بين الأخبار الحقيقية والمضللة، مما يجعلهم أكثر عرضة لتصديق الشائعات وتبني أفكار متطرفة، مشيرًا إلى أن التربية الإعلامية تزوّد الطلبة بمهارات فحص المعلومات والتحقق من المصادر، واستخدام أدوات التحقق الرقمية، ما يعزز وعيهم تجاه الحملات الإعلامية الموجهة.
كما شدد على أن التربية الإعلامية يجب أن تُربط بالقيم الأخلاقية والتربوية المستمدة من الثقافة والمجتمع والدين، مع غرس مفاهيم الصدق، احترام الخصوصية، وتجنّب نشر الشائعات، مؤكدًا أن الخطوة الأولى نحو تربية إعلامية أخلاقية تبدأ من المضمون التربوي ذاته.
واختتم خويلة حديثه بالتأكيد على أهمية أن يكون هناك إعلاميون مؤهلون يُشكلون قدوة في السلوك الإعلامي المسؤول، يمكنهم إيصال الرسالة الإعلامية للطلبة بأسلوب تربوي يعزز الحوار، قبول الآخر، واحترام التعددية الفكرية.