نبض البلد - كباقي أبناء الوطن نثمن عالياً الخطاب التاريخي الذي ألقاه جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، حفظه الله، أمام البرلمان الأوروبي يوم أمس، والذي جاء في لحظة حرجة تمر بها المنطقة، ليشكل علامة فارقة في الخطاب السياسي العربي على الساحة الدولية.
لقد جسد جلالته في هذا الخطاب أقوى صور الدعم السياسي لقضايا شعوب منطقة الشرق الأوسط، وفي مقدمتها قضية الشعب العربي الفلسطيني في غزة وفلسطين، حيث عبّر بجرأة ووضوح عن المعاناة الإنسانية المستمرة تحت الاحتلال، داعياً المجتمع الدولي إلى أن ينهض بمسؤولياته الأخلاقية والقانونية لوقف نزيف الدم وإنهاء الاحتلال وإعادة الاعتبار لمبادئ العدالة والكرامة الإنسانية.
وتكمن أهمية هذا الخطاب في أنه لم يكن مجرد موقف دبلوماسي رفيع، بل نداء ضمير عالمي حمل في طياته رسائل استراتيجية إنسانية وسياسية، أعادت تسليط الضوء على حجم المأساة في غزة، وأظهرت في الوقت ذاته صورة الأردن بوصفه دولة مسؤولة، تقف بثبات وشجاعة في وجه التجاهل الدولي للحقوق الفلسطينية.
كما عكس الخطاب مكانة الأردن الاستثنائية بقيادة جلالة الملك، بوصفه صوتًا عاقلاً متزنًا وسط الفوضى، وركناً صلباً في الدفاع عن الحقوق العربية وفي مقدمتها حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.
إن جلالة الملك لم يخاطب في هذا الخطاب السياسيين فقط، بل خاطب الضمير الإنساني الأوروبي والدولي، مناشداً صناع القرار أن ينصتوا لآهات الضحايا وصرخات الأطفال ودموع الأمهات في غزة، مؤكداً أن الصمت الدولي لم يعد مقبولاً، وأن العدل لا يتحقق بالتمنيات بل بالفعل والموقف. وأن الأمن الحقيقي لا يكمن في قوة الجيوش، بل في قوة القيم المشتركة، وأن السلام الذي تفرضه القوة أو الخوف لن يدوم أبداً.
وإذ نعبر عن فخرنا واعتزازنا بهذا الخطاب المشرف، فإننا نؤكد دعمنا المطلق لكافة الجهود التي يبذلها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وعن القدس الشريف والمقدسات، وتأكيده أن إيمان الأردن الراسخ بالقيم المشتركة بين الأديان السماوية الثلاث " متجذرة في تاريخنا وتراثنا وهو ما يدفع مبادئنا الوطنية المبنية على التسامح والإحترام المتبادل" وأن "هذه القيم تقع في صلب الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس والتي تعهدنا بحماية هويتها التاريخية متعددة الأديان من أي أعتداء".
كما ندعو المجتمع الدولي، ومؤسسات الاتحاد الأوروبي، وصناع القرار في العالم، إلى الإصغاء جيداً إلى صوت الحكمة والعدالة الذي مثله جلالة الملك، والانتصار لمبادئ الإنسانية والحق، والوقوف إلى جانب الشعوب المظلومة، وعلى رأسها الشعب الفلسطيني الذي لا يزال يناضل من أجل الحرية والكرامة.
حفظك الله سيد البلاد، وأدامك للوطن وللأمتين القائد والفارس والزعيم الذي لا يُشق له حكمة ولا حنكة، ولا يشق عليه ارتقاء وصعود إلى ذرى الأمجاد وأن يحفظ هذا البلد أمناً مستقراً وموئلاً للعز والفخار والأمن والإستقرار.