نبض البلد -
الرجبي: استغلال القضايا الإنسانية لجذب المتابعين سلوك غير أخلاقي
الدهون: الأشخاص الذين يتعرضون للتشهير يعانون من آثار نفسية خطيرة
الخصاونة: "الجرائم الإلكترونية" شدد العقوبات المتعلقة بالتشهير على منصات التواصل
الأنباط – آلاء أبو كشك
مع التطور التكنولوجي وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، برزت ظاهرة خطيرة تهدد الأفراد والمجتمع، وهي "التشهير الإلكتروني”، إذ لم تعد هذه المنصات وسيلة للترفيه والتسلية فحسب، بل تحولت إلى ساحة للفساد وتبادل الشائعات والقصص المسيئة.
ولم يعد للتشهير حواجز أو حدود؛ فبكبسة زر يمكن أن تتحول إشاعة إلى "ترند”، ويصبح الفرد ضحية للرأي العام، ما يبرز الحاجة الملحّة لتوعية المجتمع ووضع تشريعات صارمة تحدّ من هذه الظاهرة.
تقليل المحتوى الضار وتعزيز الوعي الرقمي
وفي هذا السياق، أوضح رئيس قسم الإعلام الرقمي في جامعة الشرق الأوسط، الدكتور محمود الرجبي، أن منصات التواصل الاجتماعي قادرة على تقليل انتشار المحتوى الضار من خلال تطبيق خوارزميات رصد متقدمة تكتشف المخالفات. وشدد على ضرورة أن تقيم هذه الخوارزميات المحتوى بناءً على سياقه الكامل، لا على الكلمات المفردة فقط، مع أهمية تعزيز دور فرق التحقق البشرية والتعاون مع خبراء نفسيين لضمان توافق السياسات مع القيم الإنسانية.
وفيما يتعلق بحماية الأطفال من المحتوى غير المناسب، أشار الرجبي إلى أن الوعي الأسري هو الأساس، داعيًا إلى ضرورة إلمام الأسر بأساسيات التواصل الرقمي، ومراقبة أنشطة الأبناء بلطف. وأضاف أن الحوار المستمر مع الأطفال يعزز مناعتهم النفسية في مواجهة المضامين الضارة.
أما عن استغلال القضايا الإنسانية لجذب المتابعين، فعدّه الرجبي سلوكًا غير أخلاقي يتنافى مع مبادئ العمل الإعلامي. وقال: "تحويل معاناة الآخرين إلى أداة للترويج الذاتي يشوه الواقع ويؤثر سلبًا على المجتمع”، مشيرًا إلى أن بعض المؤثرين يستغلون التشهير لتضخيم القضايا وزيادة نسب المشاهدة، ما يؤدي إلى تشويش الحقائق.
وفيما يخص نشر القضايا على منصات التواصل بدلًا من اللجوء إلى القضاء، أوضح أن العديد من صناع المحتوى يفضلون هذه الوسائل بهدف كسب تعاطف الجمهور بسرعة، داعيًا إلى تقنين النشر الرقمي، وتسهيل الوصول إلى القضاء بشكل عادل، مع تعزيز اهتمام الإعلام بقضايا المجتمع ودعم الضحايا، وتعزيز القيم الإنسانية في التواصل الرقمي.
التأثيرات النفسية للتشهير وسبل العلاج
من جانبه، أشار المرشد النفسي والتربوي محمد عيد الدهون إلى أن الأشخاص الذين يتعرضون للتشهير يعانون من آثار نفسية خطيرة، مثل القلق والتوتر، وانخفاض الثقة بالنفس، والشعور بالنقص، ما قد يؤدي إلى الاكتئاب واليأس، ويعزز الشعور بعدم الأمان والخوف من المستقبل.
وأوضح الدهون أن هذه التأثيرات قد تدفع البعض إلى الانسحاب من الحياة الاجتماعية، وتؤثر سلبًا على التركيز، مما ينعكس على الأداء الأكاديمي. كما لفت إلى أن الانعزال عن الأصدقاء والعائلة قد يؤدي إلى اضطرابات في النوم، كالأرق أو النوم المفرط، واضطرابات في الشهية، سواء بفقدانها أو الإفراط في الأكل. وأشار أيضًا إلى الأعراض الجسدية، مثل الصداع وآلام القولون.
وأكد على أهمية تواصل الأهل والمعلمين مع الأطفال والمراهقين المتأثرين بالتشهير، وتقديم الدعم النفسي اللازم لهم، وتعليمهم مهارات التعامل مع هذه الظاهرة، كالتحدث مع شخص موثوق، أو تجاهل الشائعات، مع البحث عن المساعدة المتخصصة عند الحاجة. كما شدد على ضرورة استشارة مختصين نفسيين دون خجل من طلب الدعم.
التشهير في الأردن: القوانين والعقوبات
قانونيًا، أوضح الخبير القانوني الدكتور صخر الخصاونة أن مصطلح "التشهير” في الأردن يندرج ضمن قضايا "الذم والقدح والتحقير”، بخلاف بعض الدول التي تفرده كقضية مستقلة، مؤكدًا أن التشهير الإلكتروني يخضع لأحكام خاصة في القوانين الأردنية تختلف عن تلك المتعلقة بالفضاء الواقعي.
وأشار الخصاونة إلى أن قضايا الفساد تقع ضمن مسؤولية هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، وفقًا للمادة 16 من قانون الهيئة، والتي تدرج في تعريف الفساد الجرائم المرتبطة بواجبات الوظيفة والكسب غير المشروع، بالإضافة إلى التحقيق في جرائم غسل الأموال المرتبطة بالفساد.
وأضاف أن المادة 188 من قانون العقوبات الأردني تتضمن الأحكام المتعلقة بالذم والقدح، والتي قد تصل عقوبتها إلى السجن لمدة ثلاث سنوات، موضحًا أن "قانون الجرائم الإلكترونية” شدد العقوبات المتعلقة بالتشهير على منصات التواصل الاجتماعي.
ودعا الخصاونة الأفراد المتضررين إلى مراجعة المحكمة المختصة وتقديم شكوى متكاملة تشمل الادعاء بالحق الشخصي للمطالبة بالتعويض عن الأضرار، مع أهمية الاستعانة بمحامٍ مختص لصياغة الشكوى بالشكل القانوني الصحيح. كما أكد على ضرورة تعزيز وعي الأفراد بحقوقهم القانونية، وسبل الدفاع عنها، في ظل التحديات المتزايدة التي تفرضها ظاهرة التشهير الإلكتروني.