نبض البلد - ولاء فخري العطابي
في خطوة تعبّر عن جدية الحكومة في إحداث نقلة نوعية في قطاع التعليم، زار رئيس الوزراء د. جعفر حسان وزارة التربية والتعليم والتقى خلالها بوزير التربية الدكتور عزمي محافظة، والأمين العام للشؤون التعليمية ومديري الإدارات، هذه الزيارة لم تكن بروتوكولية أو رمزية، بل جاءت محمّلة برسائل واضحة تعكس نوايا الدولة في إعادة الاعتبار للعملية التعليمية، وتحسين واقع المعلم، وتطوير بيئة التعليم بما يواكب طموحات الأردن المستقبلية.
أكد الدكتور حسان خلال اللقاء أن المعلم هو حجر الأساس في أي إصلاح تعليمي حقيقي، مشددًا على ضرورة تعزيز مكانته، وتوفير الحوافز اللازمة له، ليبقى قادرًا على أداء رسالته النبيلة، وأعلن عن سلسلة من الإجراءات خلال هذه الزيارة وبما يمس مصلحة الكوادر التدريسية.
ومن جانب آخر، أعلن رئيس الوزراء عن خطة حكومية لبناء 85 مدرسة جديدة وتوسعة 35 مدرسة قائمة، ضمن استراتيجية تضمن بيئة تعليمية آمنة وعصرية، ومن المقرر أن يتم افتتاح 7 مدارس مع بداية العام الدراسي المقبل، و11 مدرسة أخرى خلال الفصل الدراسي الثاني، في إطار مبادرة تعتمد على الشراكة بين القطاعين العام والخاص ضمن مسؤولية مجتمعية واسعة، تهدف إلى النهوض بالبنية التحتية للمدارس.
وحول تعزيز الهوية الوطنية في المدارس، شدد د. حسان على أهمية ترسيخ قيم الانتماء في نفوس الطلبة، من خلال الحفاظ على رمزية العلم والنشيد الوطني كجزء أصيل من الطقوس المدرسية اليومية، وأكد أن العودة إلى هذه الممارسات لا يجب أن تكون شكلية، بل جزءًا من عملية تربوية مستدامة، تُعيد الاعتبار للمدرسة كمؤسسة وطنية تُخرّج قادة المستقبل.
الدكتور حسان أطلق خلال اللقاء إشارة واضحة تربط بين رؤية التحديث الاقتصادي والتعليم، مؤكدًا أن لا تحديث دون تعليم، ولا تعليم دون معلم قادر ومؤهل ومطمئن، وأضاف أن العدالة في التعليم، وتكافؤ الفرص، وتطوير المناهج، وتوفير الاستقرار خصوصًا في مرحلة التوجيهي، تمثل أولويات ستعمل الحكومة على تحقيقها بالتعاون مع الجهات المعنية كافة.
زيارة رئيس الوزراء لوزارة التربية والتعليم تعكس فلسفة ميدانية جديدة تنتهجها الحكومة، قائمة على التمكين الفعلي للقطاعات الحيوية، وعلى رأسها التعليم، وهي رسالة واضحة بأن النهوض بالعملية التعليمية لم يعد خيارًا مؤجلًا، بل أولوية وطنية تمس حاضر الأردن ومستقبله، وتؤسس لجيل جديد مسلّح بالعلم والانتماء والكفاءة، فبهذا النوع من الزيارات التي يتبعها قرارات وخطط عمل، تُبنى الثقة بين المواطن والدولة، ويُستعاد الدور الريادي للمدرسة والمعلم والمجتمع التربوي بأكمله.
إن تقدير المعلم ليس ترفًا بل ضرورة، لأن التقدير يصنع دافعًا، والدافع يصنع إنجازًا كم من معلم أنهكه يوم طويل من العطاء وانتظر كلمة شكر، أو نظرة اهتمام، أو يدًا تمتد لتقول له: "نراك، ونقدّرك، ونؤمن بأهميتك”، هذه الزيارة أعادت للمعلم شيئًا من الضوء، وفتحت أمامه نافذة أمل، تقول له إن هناك من يصغي، من يشعر، من يفكّر في تحسين واقعك، فالمعلم هو ركيزة التحديث، وأساس النهضة، ومحور التغيير في أي مجتمع يطمح للتقدم.
ولعلّ في هذا التقدير بُعدًا أكبر من المجاملة أو البروتوكول؛ إنه إقرار وطني بأن لا إصلاح بدونكم، ولا تعليم يُحدث فرقًا بدونكم، ولا مستقبل يُبنى إلا على أكتافكم، هذه الخطوة، إن تحوّلت إلى نهج ستُعيد إلى التعليم هيبته وإلى المعلم مكانته وستمنح العملية التعليمية روحًا جديدة عنوانها: الاحترام أولًا، والتقدير دائمًا.